الوسوم

, , , , , , , , , , , , ,

قوله { اسْجُدُوا لآدَمَ }
قال ابو كندا : واظهار لفظ (آدم ) هنا دون الاتيان بالضمير، فيه دلالة على ان المقصود بالسجود هو ادم وليس غيره.

قال ابن جرير : وكان سجود الملائكة لآدم تكرمةً لآدم وطاعة لله، لا عبادةً لآدم، كما:-
عن قتادة، قوله:”وإذْ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم”، فكانت الطاعة لله، والسجدة لآدم، أكرم الله آدم أن أسْجَد له ملائكته. [١]

قال ابو كندا وهذا هو القول الصحيح ، فالسجود ليس عبادة انما هو تكريم او تعظيم لأدم بالسجود طاعة لله عز وجل لأنه امرهم بذلك .
قال ابن عطية : والسجود في كلام العرب الخضوع والتذلل، وغايته وضع الوجه بالأرض،
قال الثعالبي : ولا تدفع الآية أنْ يكونوا بلغوا غاية السجود،
وقال السمرقندي : فأصل السجود في اللغة: هو الميلان والخضوع، والعرب تقول: سجدت النخلة إذا مالت، وسجدت الناقة إذا طأطأت رأسها ومالت.
وإنما كانت تلك سجدة التحية لا سجدة العبادة، وكانت السجدة تحية لآدم عليه السلام وطاعة لله- عز وجل- فَسَجَدُوا كلهم إِلَّا إِبْلِيسَ. أ،هـ

قال الراغب : الخضوع والخشوع والخنوع والسجود والركوع تتقارب، وبينهما فروق،
فالخضوع ضراعة بالقلب،
والخشوع بالجوارح،
ولذلك قيل: إذا تواضع القلب خشعت الجوارح،
وقال تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، وقال: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ}، والخشوع ضراعة لمن دونه رغبة في عرض في يده، وكذلك أكثر ما يجئ في الدم،
والركوع تذلل مع التطأطؤ.
والسجود مع خفض الرأس.أ،هـ

قال الثعلبي : سجدة تعظيم وتحية لا سجود صلاة وعبادة، نظيره قوله في قصة يوسف: { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً }وكان ذلك تحيّة الناس، ويعظم بعضهم بعضا، ولم يكن وضع الوجه على الأرض وإنما كان الانحناء والتكبير والتقبيل.
فلما جاء الإسلام بطّل ذلك بالسّلام.أ،هـ

قال الواحدي : وحكى ابن الأنباري عن الفراء وجماعة من الأئمة أن سجود الملائكة لآدم كان تحية ولم يكن عبادة، وكان ذلك سجود تعظيم وتسليم وتحية، لا سجود صلاة وعبادة، وكان ذلك تحية الناس وتعظيم بعضهم بعضا .أ،هـ

قال ابو كندا : هناك قولان ضعيفان ذكرهما المفسرون احببت ان ابين ضعفهما :
القول الاول : هو قولهم ان السجود لله وليس لآدم وانما جعل ادم كالقبلة كما جعلت الكعبة قبلة لصلاة المؤمنين والصلاة لله تعالى.
وهذا ضعيف لأنه لو كان المقصود هذا لقيل: اسجدوا إلى آدم. ولم يقل اسجدوا لآدم.
وايضا اظهار كلمة ( آدم ) في قوله { اسْجُدُوا لآدَمَ } ولم يضمره ، فيه دلالة ان المقصود بالسجود ادم وليس جعله قبلة ، ولو اضمر آدم وقيل اسجدوا له ، لقلنا ربما يقصد ان يكون ادم قبلة .
وايضا لو كان الامر بالسجود لآدم كالقبله فقط لما استكبر ابليس وسجد لله وليس لآدم .

واستشهد اصحاب هذا القول الضعيف بروايتين لابن مسعود والشعبي من دون سند وبحثت عن سندهما ولكني لم اجدهما .
وهذا يضعف هذا القول ايضا .
قال ابن عاشور : وَتَعْدِيَةُ اسْجُدُوا لِاسْمِ آدَمَ بِاللَّامِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُمْ كُلِّفُوا بِالسُّجُودِ لِذَاتِهِ وَهُوَ أَصْلُ دَلَالَةِ لَامِ التَّعْلِيلِ إِذَا عُلِّقَ بِمَادَّةِ السُّجُودِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: { فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } وَقَوْلِهِ: { لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ } وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ السُّجُودَ فِي الْإِسْلَامِ لِغَيْرِ اللَّهِ مُحَرَّمٌ لِأَنَّ هَذَا شَرْعٌ جَدِيدٌ نَسَخَ مَا كَانَ فِي الشَّرَائِعِ الْأُخْرَى.أ،هـ

والقول الثاني : قالوا أي اخضعوا له وأقروا بالفضل له وانه خير واكرم منكم فأقروا بذلك .
ثم استدلوا برواية بالمعنى لأُبي بن كعب من دون سند وبحثت عن سنده فلم اجده ايضا.
وهذا القول ضعيف ، فلو كان الامر بالسجود هو الخضوع والاقرار فقط دون فعل السجود لما علم الملائكة ان ابليس لم يسجد لأن الخضوع والاقرار في القلب ولا احد يطلع على مافي النفوس الا الله .

قال ابن تيمية: قال أهل العلم: السجود كان لآدم بأمر الله وفرضه.
وعلى هذا إجماع كل من يسمع قوله.
فإن الله تعالى قال اسْجُدُوا لِآدَمَ ولم يقل: إلى آدم ، وكل حرف له معنى.
وفرق بين «سجدت له» وبين «سجدت إليه» قال تعالى: { لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ } { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ } ، أجمع المسلمون على أن السجود للأحجار والأشجار والدواب محرّم.
وأما الكعبة، فيقال: كان النبي ﷺ يصلي إلى بيت المقدس، ثم صلى إلى الكعبة، ولا يقال صلى لبيت المقدس، ولا للكعبة. والصواب أن الخضوع بالقلوب، والاعتراف بالعبودية، لا يصلى على الإطلاق إلّا لله سبحانه.
وأما السجود فشريعة من الشرائع يتبع الأمر.
فلو أمرنا سبحانه أن نسجد لأحد من خلقه، لسجدنا طاعة واتباعا لأمره.
فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة وقربة يتقربون بها إليه.
وهو لآدم تشريف وتعظيم وتكريم.
وسجود إخوة يوسف له تحية وسلام.
ولم يأت أن آدم سجد للملائكة.
بل لم يؤمر بالسجود إلا لله رب العالمين.
وبالجملة، أهل السنة قالوا: إنه سجود تعظيم وتكريم وتحية له.
وقالت المعتزلة: كان آدم كالقبلة يسجد إليه، ولم يسجدوا له، قالوا ذلك هربا من أن تكون الآية الكريمة حجة عليهم ، فإن أهل السنة قالوا: إبليس من الملائكة .أ،هـ

—————
١) قال ابو كندا الاسناد مقبول ومقارب للصحيح ، وهو كتاب J