ماجد بن محمد العريفي

~ اقول بما قاله الله عز وجل في كتابه، وبما قاله رسوله بسند حجة

ماجد بن محمد العريفي

Monthly Archives: مايو 2016

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ١٣

25 الأربعاء مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ١٣
 باب مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ.
١٣ – عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: “لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ”. 
*********

١- معناه: لا يكمل إيمان أحدكم حتَّى يحب لأخيه في الإسلام ما يحب لنفسه.
٢- والقيام بذلك يحصل بأن يحب له حصول مثل ذَلِكَ من جهة لا يزاحمه فيها، بحيث لا تنقص النعمة على أخيه شيئًا من النعمة عليه. وذلك سهل عَلَى القلب السليم، وإنما يعسر عَلَى القلب الدغل. عافانا الله أجمعين، فيحب الخير لأخيه في الجملة دون زيادة الفضل.
٣- وقال أبو الزناد والقاضي: ظاهره التسوية وحقيقته التفضيل؛ لأن كل أحد يحب أن يكون أفضل، فإذا أحب لغيره ما يحب لنفسه كان هو من المفضولين.

اختصره ماجد بن محمد العريفي

يوم السبت ٢٣-٧-١٤٣٧هـ

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ١٢

25 الأربعاء مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

 باب إِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنَ الإِسْلاَمِ

١٢ – عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو – رضى الله عنهما – أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – أَىُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ؟ قَالَ: “تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ”. 
**********

١- هذا الحديث أخرجه البخاري و في باب: السلام من الإسلام ، وفي: الاستئذان في باب: السلام للصرفة وغير المعرفة .
٢- قَالَ الخطابي: فجعل أعلاها الإطعام الذي هو قوام الأبدان، ثمَّ جعل خير الأقوال في البر والإكرام إفشاء السلام الذي يعم ولا يخص بمن عرفه حتَّى يكون خالصًا لله تعالى بريئًا من حظ النفس والتصنع؛ لأنه شعار الإسلام، فحق كل مسلم فيه شائع، وقد روي في حديث: أن السلام في آخر الزمان يكون للمعرفة .(1) 
٣- وفيه: الحث على مكارم الأخلاق والجود، وخفض الجناح للمسلمين والتواضع، 
٤- وقيل: ليس شيء أجلب للمحبة وأثبت للمودة وأسل للسخائم، وأتقى للجرائم من إطعام الطعام، وإفشاء السلام.
٥- وأول ما قدم النبي – صلى الله عليه وسلم -، وتكلم أن قَالَ: “يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام “، وزاد ابن ماجه: “وصلوا الأرحام، وهذِه عادة العرب الكرام ينعقد به عليكم العهد والذمام”.
٦- معنى “السلام عليكم” أي: لكم، أو اسم الله عليكم أو معكم.
٧- وأما الكافر فلا يبدأ بالسلام؛ للنهي عنه في “الصحيح”

##########

(1) هذه الفائدة كتبها الشارح في الحديث السابق وعزا لها في هذا الحديث، فرأيت الانسب ان لا اذكرها في الحديث السابق، وانقلها في هذا الحديث.

اختصره بتصرف 

ماجد بن محمد العريفي

يوم السبت٢٣-٧-١٤٣٧هـ

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث١١

21 السبت مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

 – باب أَىُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟

١١ – عَنْ أَبِى مُوسَى – رضى الله عنه – قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ”.
*******

١- معنى (أيُّ الإسلام أفضل؟): أيُّ خصاله، وجاء في هذا الحديث أنه: “من سلم المسلمون من لسانه ويده” وفي الحديث الآتي: أيُّ الإسلام خير؟ قَالَ: “تطعم الطعام، وتقرأ السلام” .. إلى آخره.

والجمع بينهما أنه بحسب اختلاف حال السائل، فظهر من أحدهما قلة المراعاة لليد واللسان. ومن الآخر كبر وإمساك عن الإطعام، أو تخوف – صلى الله عليه وسلم – عليهما ذَلِكَ، أو الحاجة في وقت سؤال كل واحد منهما أمس بما أجاب به.
اختصره ماجد محمد العريفي

السبت٢٣-٧-١٤٣٧هـ

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ١٠

21 السبت مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

باب المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ
١٠ – عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو – رضى الله عنهما -، عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: “الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ”. 
***********

١- فمعنى قوله – صلى الله عليه وسلم -: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” المسلم الكامل الجامع لخصال الإسلام، من لم يؤذِ مسلمًا بقوْلٍ ولا فعْلٍ، وكذلك المهاجر الكامل، فأَعْلَمَ المهاجرين أن يهجروا ما نهى الله عنه، ولا يتكلوا على هجرتهم.

ويحتمل أنه قَالَ ذَلِكَ لما شق فوات الهجرة عَلَى بعضهم، فأعلمهم أن هذا هو المهاجر المطلوب الكامل.
٢- والهجر لغةً: ضد الوصل.

والهاجرة: وقت يهجر فيه العمل، والمهاجر هو الذي فارق عشيرته ووطنه.
٣- وخصَّ اليد بالذكر؛ لأن أكثر الأفعال بها، وكذا اللسان؛ لأنه يعبر به عن ما في النفس.
٤- وفيه: الحثُّ عَلَى ترك أذى المسلمين بكل ما يؤذي، وسِرُّ الأمر في ذَلِكَ حسن التخلق مع العالم، 
٥- وفيه رد عَلَى المرجئة، فإنه ليس عندهم إسلام ناقص .
اختصره ماجد بن محمد العريفي 

يوم السبت ٢٣-٧-١٤٣٧هـ

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ٩

21 السبت مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

باب أُمُورِ الإِيمَانِ
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِى الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)} [البقرة: ١٧٧]. وَقَوْلِهِ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)} [المؤمنون: ١] الآية.
٩ – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ”. 
********

١- هذِه الترجمة ساقها البخاري للدلالة عَلَى إطلاق اسم الإيمان عَلَى الأعمال كما أسلفناه في الحديث قبله. وأراد به الرد عَلَى قول المرجئة: إن الإيمان قول بلا عمل فلا تضر المعصية مع الإيمان، ومقابله قول الخوارج أنها تضر ويكفر بها، وغالت المعتزلة فقالت: يخلد بها فاعل الكبيرة ولا يوصف بأنه مؤمن ولا كافر لكن يوصف بأنه فاسق، والحق أنه مؤمن، وإن عذب فلا بد من دخول الجنة .
٢- الأول: البرُّ: اسم جامع للخير كله.

وقال الهروي: هو الاتساع في الإحسان والزيادة منه، ومنه يقال: أبر فلان عَلَى فلان بكذا أي: زاد عليه، ومنه سميت البرية؛ لاتساعها.
٣- معنى قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ} أي: ليس البر كله أن تصلوا ولا تعملوا غير ذلك {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ} الآية. أي: بِرُّ من آمن كذا قدره سيبويه، 
٤- البضع والبضعة -بكسر الباء عَلَى اللغة المشهورة- وبها جاء القرآن العظيم، وهو مستعمل فيما بين الثلاثة والعشرة.

هذا هو الصحيح المشهور في معناه، وفيه أقوال أخر.
٥- الشعبة -بضم الشين-: القطعة والفرقة، وهي واحد الشعب، وهي: أغصان الشجرة.

والمراد بالشعبة في الحديث: الخصلة. أي أن الإيمان ذو خصال متعددة.
٦- الحديث ناصٌّ على إطلاق اسم الإيمان الشرعي عَلَى الأعمال وقد سلف بيان هذا.
٧- قوله – صلى الله عليه وسلم -: “وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ”، فالحياء: ممدود هو الاستحياء .

قَالَ الواحدي عن أهل اللغة: الاستحياء من الحياء، واستحيا الرجل من قوة الحياء لشدة علمه بمواقع العيب. 
٨- وإنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة؛ لأنه قد يكون تخلقًا واكتسابًا كسائر أعمال البر، وقد يكون غريزة، ولكن استعماله على قوة قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية وعلم، فهو من الإيمان لهذا؛ ولكونه باعثًا عَلَى أفعال الخير، ومانعًا من المعاصي،
اختصره ماجد بن محمد العريفي

يوم الجمعة ٢٢-٧-١٤٣٧هـ

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ٨-٢

11 الأربعاء مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ٨-٢
٢ – باب دُعَاؤُكُمْ إِيمَانُكُمْ

لقوله -عز وجل-: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} [الفرقان: ٧٧] (١)

٨ – عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: “بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ”. 
*********

١- أحدها: لما فرغ البخاري رحمه الله من ابتداء الوحي عَقَّبَه بذكر الإيمان، ثم بالصلاة بمقدماتها الطهارات ثم بالزكاة ومتعلقاتها، ثم بالحج ومتعلقاته، ثم بالصوم. وقصد الاعتناء بالترتيب المذكور في حديث ابن عمر هذا الذي ساقه، وإن وقع في بعض روايات “الصحيح” تقديم الصوم على الحج.
٢- هذا الحديث أخرجَهُ البخاري هُنا وفي التفسير، 
٣- وقال مجاهد في معنى الآية السالفة: ما يفعل بكم ربي لولا دعاؤه إياكم لتعبدوه وتطيعوه. وقيل: معناه: ما يعبأ بخلقكم لولا توحيدكم إياه.
٤- ومعنى: “بني الاسلام”: أسس.
٥- وقوله: “على خمس” أي: خمس دعائم أو قواعد، 
٦- وقوله: “وإقام الصلاة”: أصله: إقامة الصلاة، حذفت التاء، وقوله: “وإيتاء الزكاة” أي: أهلها، فحذف المفعول، والإيتاء: الإعطاء.
٧- مقصود الباب بيان زيادة الإيمان ونقصانه، وإطلاقه على الأعمال كالصلاة والصيام والذكر وغيرها، ومذهب السلف والمحدثين وجماعات من المتكلمين أن الإيمان قول وعمل ونية، ويزيد وينقص، ومعنى هذا أنه يطلق على التصديق بالقلب، وعلى النطق باللسان، وعلى الأعمال بالجوارح كالصلاة وغيرها، ويزيد بزيادة هذِه وينقص بنقصها، 
ويدل له ظواهر نصوص الكتاب والسنة، فمن الآيات: التي ذكرهن البخاري وغيرهن، ومن السنة: أحاديث كثيرة في “الصحيح” ستأتي في مواضعها كحديث: “يخرج من النار من كان في قلبه وزن شعيرة من إيمان” وكذا: “من كان في قلبه وزن برة من إيمان” وكذا: “من كان في قلبه وزن ذرة” فهذا هو الصحيح الموافق لظواهر النصوص القطعية ولما قاله سلف الأمة، ولما يقضي به الحسُّ، 
وهذا المعنى أراد البخاري في “صحيحه” بالأبواب الآتية بعد هذا كقوله: باب أمور الإيمان، الصلاة من الإيمان، الزكاة من الإيمان، الجهاد من الإيمان، وسائر أبوابه.

وأراد الرد على المرجئة في قولهم الفاسد: إن الإيمان قول بلا عمل، وبيّن غلطهم، وسوء اعتقادهم، ومخالفتهم الكتاب والسنة والإجماع.
قَالَ ابن بطَّال: مذهب جميع أهل السنة من سلف الأمة وخلفها أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص . 
وقد ساق الحافظ أبو القاسم هبة الله اللالكائي في كتاب “شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة” عن عمر بن الخطاب وخمسةَ عشرَ من الصحابة: أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.

وعن خلق من التابعين وأتباعهم فوق الخمسين. وقال سهل بن المتوكل: أدركت ألف أستاذ كلهم يقول: الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص.

وقال يعقوب بن سفيان: أدركت أهل السنة والجماعة على ذَلِكَ بمكة، والمدينة والبصرة والشام والكوفة منهم: عبد الله بن يزيد المقرئ وعددهم فوق الثلاثين .
٨- أدخل البخاري في هذا الباب حديث ابن عمر؛ ليبين أن الإسلام يطلق عَلَى الأفعال، وأن الإسلام والإيمان قَدْ يكونان بمعنًى. وهذِه المسألة فيها خلاف شهير للسلف، فقيل: معناهما واحد، وهو مذهب البخاري وغيره، وقيل: بينهما عموم وخصوص.

قَالَ الخطابي: والصحيح في هذا أن يقيد الكلام، وذلك أن المسلم قَدْ يكون مؤمنًا في بعض الأحوال، ولا يكون مؤمنًا في بعضها، والمؤمن مسلم في جميع الأحوال، فكل مؤمن مسلم ولا عكس . ا،هـ

وإذا تقرر هذا استقام تأويل الآيات واعتدل القول فيها، وأصل الإيمان التصديق، وأصل الإسلام الاستسلام والانقياد، فقد يكون المرء مستسلمًا في الظاهر غير منقاد في الباطن، وقد يكون صادقًا في الباطن غير منقاد في الظاهر.
٩- حديث ابن عمر هذا حديث عظيم، أحد قواعد الإسلام وجوامع الأحكام ولم يُذكر فيه الجهاد؛ لأنه لم يكن فرض إذ ذاك، أو لأنه من فروض الكفايات، وتلك فرائض الأعيان.

وقيل: إنه مذهب ابن عمر، والثوري، وابن شبرمة إلا أن ينزل العدو فيأمر الإمام بالجهاد.

وجاء في البخاري لما أورده في التفسير أن رجلًا قَالَ لابن عمر: ما حملك عَلَى أن تحج عامًا وتعتمر عامًا وتترك الجهاد؟ وفي بعضها في أوله: أن رجلًا قَالَ لابن عمر: ألا تغزو؟! فقال: إني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: “إن الاسلام بني على خمسة” الحديث.

فهذا دال عَلَى أن ابن عمر كان لا يرى فرضه إما مطلقًا -كما نقل عنه- أو في ذَلِكَ الوقت، 
اختصره ماجد بن محمد العريفي

يوم الجمعة ٢٢-٧-١٤٣٧هـ

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح كتاب الايمان٨-١

09 الإثنين مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح كتاب الايمان٨-١
– كتاب الإيمان

١ – باب قَوْلِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -: “بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ”

وَهُوَ قَوْلٌ وَفِعْلٌ، وَيَزِيدُ وَينْقُصُ. 

قَالَ الله تَعَالَى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح: ٤]، وقال: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: ١٣]، 

وقال: {وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦]، 

{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (١٧)} [محمد: ١٧]، 

وقال: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا} [المدثر: ٣١]،

 وقال: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [التوبة: ١٢٤]، 

وقال جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا} [آل عمران: ١٧٣]، 

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٢٢].

وَالْحُبُّ في اللهِ وَالْبُغْضُ في اللهِ مِنَ الإِيمَانِ. 

وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ عَدِيِّ: إِنَّ لِلإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَحُدُودًا وَسُنَنًا، فَمَنِ اسْتَكْمَلَهَا اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَكْمِلْهَا لَمْ يَسْتَكْمِلِ الإِيمَانَ، فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنْ أَمُتْ فَمَا أَنَا عَلَى صُحْبَتِكُمْ بِحَرِيصٍ. 

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ -عليه السلام-: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]. 

وَقَالَ مُعَاذٌ: اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً. 

وَقَالَ ابن مَسْعُودٍ: اليَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ. 

وَقَالَ ابن عُمَرَ : لَا يَبْلُغُ العَبْدُ حَقِيقَةَ التَّقْوى حَتَّى يَدَعَ مَا حَاكَ فِي الصَّدْرِ.

 وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: ١٣]، أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وإِيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا. 

وَقَالَ ابن عَبَّاسٍ: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: ٤٨]: سَبِيلًا وَسُنَّةً (١)، {دُعَاؤُكُمْ}: [الفرقان: ٧٧] إيمانكم.
*******
١- والإيمان في اللغة: التصديق، 
٢- قوله: “الْبُغْضُ فِي اللهِ وَالْحُبُّ فِي اللهِ مِنَ الإِيمَانِ” (في) هنا للسببية -أي: بسبب طاعة الله ومعصيته- كقوله عليه الصلاة والسلام: “في النفس المؤمنة مائة من الابل” وكقوله في التي حبست الهرة فدخلت النار فيها ، أي: بسببها وأصل (في) للظرفية.
٣- وقوله: (إِنَّ لِلإِيمَانِ فَرَائِضَ وَشَرَائِعَ وَسُنَنًا). قال ابن المرابط: الفرائض: ما فُرِضَ علينا من صلاة وزكاة ونحوهما، والشرائع كالتوجه إلى القبلة، وصفاف الصلاة، وعَدَد شهر رمضان، وعدد جلد القاذف، وعدد الطلاق إلى غير ذلك، والسنن: ما أمر به الشارع من فضائل الأعمال، فمتى أتى بالفرائض والسنن وعرف الشرائع، فهو مؤمن كامل.
٤- وقوله: (فَإِنْ أَعِشْ فَسَأُبَيِّنُهَا لَكُمْ) أي: أوضحها إيضاحًا يفهمه كل أحد وإنما أخر بيانها؛ لاشتغاله بما هو أهم منها ولم يعلم أنهم يجهلون مقاصدها،
٥- ومعنى: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ليزداد، وهو المعنى الذي أراده البخاري.
٦- وقوله: (اجلس بنا نؤمن ساعة) أي: نتذاكر الخير وأحكام الآخرة وأمور الدين، فإن ذلك إيمان.

وقال ابن المرابط: نتذاكر ما يُصدق اليقين في قلوبنا؛ لأن الإيمان هو التصديق بما جاء من عند الله تعالى.
٧- وقوله: (الْيَقِينُ الإِيمَانُ كُلُّهُ)، قال أهل اللغة: اليقين: هو العلم وزوال الشك، 

، وأنا على يقين منه، وذلك عبارة عن التصديق وهو أصل الإيمان 

فعبر بالأصل عن الجميع كقولهم: الحج عرفة، 

وفيه دلالة على أن الإيمان يتبعض؛ لأن كُلًّا وأجمعَ لا يؤكد بهما إلا ما يتبعض حسًّا أو حكمًا كما قاله أهل العربية.
٨- و (حاك) ما يقع في القلب، ولا ينشرح له صدره، وخاف الإثم فيه، وفي “صحيح مسلم” من حديث النواس بن سمعان – رضي الله عنه – قال سألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن البر والإثم فقال: “البرُّ حُسْنُ الخُلق، والإثمُ ما حاكَ في نفسِكَ، وكرهتَ أن يطلعَ عليه الناسُ” فالذي يبلغ حقيقة التقوى تكون نفسه متيقنة الإيمان سالمة من الشكوك. وعبّر هنا بالصدر عن النفس والخلد.
٩- وقولهم: ({شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} ): أَوْصَيْنَاكَ يَا مُحَمَّدُ وإيَّاهُ دِينًا وَاحِدًا) 

معناه أن هذا الذي تظاهرت عليه أدلة الكتاب والسنة من زيادة الإيمان ونقصه، هو شرع الأنبياء قبل نبينا كما هو شرع نبينا؛ لأن الله تعالى قال: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} الآية. ويقال: جاء نوح بتحريم الحرام وتحليل الحلال، وهو أول من جاء من الأنبياء بتحريم الأمهات والبنات والأخوات، ونوح أول نبي جاء بعد إدريس -عليه السلام-.
١٠- وقوله في: ({شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}، سبيلًا وسنة.
١١- {دُعَاؤُكُمْ} إيمانكم): يعني: أن ابن عباس فسر قوله تعالى: {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} بسبيل وسنة، وفسر قوله تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}، قال المراد بالدعاء: الإيمان، فمعنى (دعاؤكم): إيمانكم.

قال ابن بطال: {لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} الذي هو زيادة في إيمانكم.
١٢- وحكئ أبو إسحاق عن بعضهم أن الشرعة: الدين.

والمنهاج: الطريق. وقيل: هما جميعًا الطريق، والطريق هنا: الدين. لكن اللفظ إذا اختلف أُتي فيه بألفاظ للتأكيد .

وقال محمد بن يزيد : شرعة معناها: ابتداء الطريق. والمنهاج الطريق المستمر .

وذكر الواحدي وغيره في قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} ، قَالَ: الشريعة: الدين والملة والمنهاج والطريقة والسنة والقصد، قالوا: وبذلك سميت شريعة النهر؛ لأنه يتوصل منها إلى الانتفاع.

والشارع: الطريق الأعظم، 

اختصره ماجد بن محمد العريفي 

يوم الجمعة 

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ٧

08 الأحد مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِى رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ -وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأمِ- فِى الْمُدَّةِ الَّتِى كَانَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِى مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِى يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِىٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا.

فَقَالَ أَدْنُوهُ مِنِّى، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ.

ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّى سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِى فَكَذِّبُوهُ.

فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَىَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ.

ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِى عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ.

قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ لاَ.

قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لاَ.

قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ.

قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ.

قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ لاَ.

قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لاَ.

قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِى مُدَّةٍ لاَ نَدْرِى مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا. قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّى كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ.

قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ.

قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللهَ وَحْدَهُ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ وَالصِّلَةِ.

فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِى نَسَبِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ: هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِى بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ، وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَأْمُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللهَ، وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ. فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَىَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ ، فَلَوْ أَنِّى أَعْلَمُ أَنِّى أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.

ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – الَّذِى بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ. سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّى أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ وَ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ٦٤]

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لأَصْحَابِى حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِى كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ عَلَىَّ الإِسْلاَمَ. وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ، صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ، سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ. قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِى النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِى النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلاَّ الْيَهُودُ فَلاَ يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْيَهُودِ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِىَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ، يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لاَ. فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْعَرَبِ فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ. فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مَلِكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ. ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِى الْعِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْىَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – وَأَنَّهُ نَبِىٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِى دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِى الْفَلاَحِ وَالرُّشْدِ وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَىَّ. وَقَالَ: إِنِّى قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ.

رَوَاة صَالِحُ بْن كَيْسَانَ وُيُونُسُ وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. 
**********

١- هذا الحديث وجه مناسبته للباب عدم اتهامه بالكذب، وأنه لم يكن ليذر الكذب عَلَى الناس ويكذب عَلَى الله تعالى، وأيضًا فهو مشتمل على ذكر آيات أنزلت عَلَى من تقدم من الأنبياء، وعلى ذى جملة من أوصاف من يوحى إليه.
٢- وكرره البخاري في “صحيحه” في مواضع:

أخرجه هنا كما ترى، وفي الجهاد، وفي التفسير، وفي الشهادات، وفي الجزية، وفي الأدب، وأخرجه أيضًا في الإيمان، والعلم، والأحكام، والمغازي، وخبر الواحد، والاستئذان. فهذِه أربعة عشر موضعًا.
٣- الأول: الركب: جمع راكب، وقيل: اسم يدل على الجمع كقوم وذود، وهو قول سيبويه، وهم أصحاب الإبل في السفر العشرة فما فوقها، قاله ابن السكيت وغيره.

وقال ابن سيده: أرى أن الركب قد يكون للخيل والإبل. وفي التنزيل: {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} فقد يجوز أن يكون منهما جميعًا وقول علي: ما كان معنا يومئذٍ فرس إلا فرس عليه المقداد بن الأسود. يصحح أن الركب ها هنا رُكّاب الإبل.
٤- وفي بعض طرق هذا الحديث أنهم كانوا ثلاثين رجلًا منهم أبو سفيان.
٥- الثالث: مادّ بتشديد الدال، وهو من المفاعلة كضارب وحاد وشاد يكون من اثنين، يقال: تماد الغريمان إذا اتفقا على أجل، وهو من المدة، وهي القطعة من الزمان تقع على القليل والكثير، أي اتفقوا على الصلح مدة من الزمان، وهذِه المدة هي صلح الحديبية، الذي جرى بين النبي – صلى الله عليه وسلم – وكفار قريش، سنة ست من الهجرة.
٦- قوله: (وَحَوْلَهُ) هو بفتح اللام يقال: حوله وحواله وحوليه وحواليه أربع لغات واللام مفتوحة فيهن. أي: مطيفون به من جوانبه.
٧- الترجمان: بفتح التاء أفصح من ضمها، والجيم مضمومة فيهما وهو المعبر عن لغة بلغة،
٨- إنما سأل عن أقربهم نسبًا؛ لأن غيره لا يؤمن أن تحمله العداوة على الكذب في نسبه والقدح فيه بخلاف القريب فإن نَسبه نَسَبُه.
٩- قوله: (فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ) قيل في معناه: لئلا يستحيوا أن يواجهوه بالتكذيب إن كذب.
١٠- (يَأْثِرُوا) بكسر الثاء وضمها، ولم يذكر القاضي غيره .

أي: يحكوه عني ويتحدثوا به فأُعَاب به؛ لأن الكذب قبيح، وإن كان على عدو.
١١- قوله: (لَكَذَبْتُ عَنْهُ) أي: لأخبرت عن حاله بكذب لبغضي إياه. وقد قَالَ الفقهاء: إن شهادة العدو على عدوه لا تسمع لمثل هذا المعنى.
١٢- قوله: (قَطُّ) فيها لغات أشهرها فتح القاف وتشديد الطاء المضمومة.

قَالَ الجوهري: معناها: الزمان، يقال: ما رأيته قط.
١٣- (أَشْرَافُ النَّاسِ): كبارهم وأهل الأحساب منهم. وإنما كان أتباع الرسل الضعفاء دون الأشراف؛ لكون الأشراف يأنفون من تقديم مثلهم عليهم، والضعفاء لا يأنفون فيسرعون إلى الانقياد واتباع الحق، وهذا على الغالب، وإلا فقد سبق إلى اتباعه أكابر أشراف دينه كالصديق والفاروق وحمزة وغيرهم، وزيادتهم دليل على صحة النبوة؛ لأنهم يرون الحق كل يوم يتجدد، فيدخل فيه كل يوم طائفة.
١٤- قوله: (سَخْطَةً) هو الكراهة للشيء وعدم الرضا به، يقال منه: سخط يسخط سخطًا، ومعناه: أن من دخل في الشيء على بصيرة يمتنع رجوعه بخلاف ضده.
١٥- وقوله: (وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا) فيها يعني: مدة الهدنة، وهي صلح الحديبية.
١٦- وقوله: (وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هذِه الكَلِمَةِ) إنما فعل ذَلِكَ؛ لأنه كان يعلم من أخلاقه الوفاء والصدق، وأنه يفي بما عاهدهم عليه، وأحال الأمر على الزمن المستقبل، وقال ما قَالَ مع علمه أن صدقه ووفاءه ثابت مستمر لا يتغير.
١٧- (سِجَالٌ) بكسر السين، أي: نوب، نوبة لنا ونوبة له. والمساجلة: المفاخرة، بأن تصنع مثل صنعه في جري أو سعي، وأصله من السجل وهو الدلو ملأى، وأصله المستقيان بالسجل حتى يكون لكل واحد منهما سجل.
١٨- (الْعَفَافِ): الكف عن المحارم وخوارم المروءة.

قَالَ صاحب “المحكم”: العفة: الكف عما لا يحل ولا يَجْمُل.
١٩- الصلة: كل ما أمر الله تعالى به أن يوصل وذلك بالبر والإكرام وحسن المراعاة، وفي مسلم: (ويأمرنا بالزكاة)بدل الصدق.
٢٠- قوله: (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا). يعني: أفضله وأشرفه. قيل: الحكمة في ذَلِكَ أن من شرف نسبه كان أبعد من انتحال الباطل، وكان انقياد الناس إليه أقرب.
٢١- سؤاله عن الارتداد؛ لأن من دخل على بصيرة في أمر محقق لا يرجع عنه، بخلاف من دخل في أباطيل كما سلف. وسؤاله عن الغدر؛ لأن من طلب حظ الدنيا لا يبالي بالغدر وغيره مما يتوصل به إليها، ومن طلب الآخرة لم يرتكب غدرًا ولا غيره من القبائح. وسؤاله عن حربهم جاء تفسيره له في (غير) هذِه الرواية في البخاري في التفسير، ومسلم قَالَ: كذلك الرسل تبتلى ثم تكون (لهم) العاقبة، يبتليهم بذلك ليعظم أجرهم لكثرة صبرهم وبذلهم وُسْعَهم في طاعته، قَالَ تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، ولئلا يخرج الأمر عن العادة، ومن تأمل ما استقرأه هرقل من هذِه الأوصاف تبين له حسن ما استوصف من أمره، واستبرأه من حاله، ولله دره من رجل ما كان أعقله لو ساعدته المقادير بتخلية ملكه والأتباع.
٢٢- قوله: (يَأْتَسِي)، أي: يتبع، ويقتدي، والأسوة: القدوة. 
٢٣- البشاشة: بفتح الباء 

قَالَ القاضي: وهذِه أصح. يعني: رواية الهاء، والمراد: انشراح الصدر والفرح به والسرور، وأصلها اللطف بالإنسان عند قدومه وإظهار السرور برؤيته وتأنيسه، يقال: بش بالشيء يبش بشاشة إذا أظهر بشرى عند رؤيته. قَالَ الليث: البش: اللطف في المسألة والإقبال على أخيك. وقال ابن دريد: بش إذا ضحك إليه ولقيه لقاء جميلًا.
٢٤- قوله: (وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارجٌ) إنما علم ذَلِكَ من التوراة والإنجيل، وفي مسلم: فإن يك ما تقول حقًّا فإنه نبيٌّ.
٢٥- وقوله: (فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ). يعني: الشام، فإنه قَالَه به. 
٢٦- وقوله:(لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ). كأنه استبعد أن يتنبأ من العرب.
٢٧- : معنى: (أَخْلُصُ). أصِلُ. 
٢٨- ومعنى: (لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ): تكلفت على خطر ومشقة. وهو بالجيم، وفي مسلم: لأحببت لقاءه، (مكان تجشمت. قَالَ القاضي: وتجشمت أصح في المعنى، 

وقال ابن بطال: قوله: (لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ) يعني: دون خلع من ملكه ولا اعتراض عليه في شيء، وهذا التجشم هو الهجرة،
٢٩- قوله: (وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ). هذا فيه إيماءٌ إلى أنه علم بنبوته لكنه خشي خلع قومه له، على ما جاء مفسرًا في البخاري فأصر على كفره بعد علمه به، فكان أشد في الحجة عليه، وهذِه عبارة القاضي، وكذا قوله آخر الحديث: (هَلْ لَكُمْ فِي الفَلَاحِ وَالرُّشْدِ فَتُبَايِعُوا هذا النَّبِيَّ؟) فيه إعلام بإيمانه.

وقال ابن بطال: لم يصح عندنا أنه جهر بالإسلام وإنما آثر ملكه على الجهر بكلمة الحق، ولسنا (نقنع)بالإسلام دون (الجهر به)، ولم يكن مكرهًا حتى يعذر وأمره إلى الله.

وقال الخطابي: إذا تأملت معاني ما استقرأه من أوصافه (تبينت) حسن ما استوصف من أوصافه واستبرأ من حاله، فلله دره من رجل ما كان أعقله لو صادف معقوله مقدروه، وهذا أسلفته فيما مضى قريبًا.

وقد حكى القاضي وغيره خلافًا للعلماء: فيمن اطمأن قلبه بالإيمان ولم يتلفظ وتمكن من الإتيان بكلمتي الشهادة فلم يأتِ بها، هل يحكم بإسلامه أم لا؟ والمشهور المنع.

ومما يبعد صحة إيمانه نصبه القتال للمسلمين غزوة مؤتة في جمادى سنة ثمان، وما جرى في الوقعة إذ في “سيرة ابن إسحاق” وغيرها أن المسلمين مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام فبلغهم أن هرقل نزل في مائة ألف من الروم فالتقيا، وقتل من قتل إلى آخر القصة.
٣٠- قوله: (بَعَثَ بِهِ). أي: أرسله.
٣١- دِعَايَةِ الإِسْلَامِ” -بكسر الدال- أي: يدعونه، والدعاية بمعنى: الدعوة من دعا، مثل الشكاية من شكو، والمراد: دعوة الإسلام. أي: آمرك بكلمة التوحيد، قَالَ تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية ، وفي البخاري في الجهاد، ومسلم هنا: بداعية الإسلام، أي: الكلمة الداعية إلى الإسلام، وهو بمعنى الأول، ويجوز أن تكون دعاية هنا بمعنى: دعوة.
٣٢- قوله: (“أَسْلِمْ تَسْلَمْ”) هذا من محاسن الكلام وبليغه وإيجازه واختصاره كما سيأتي التنبيه عليه، عدد البخاري في الجهاد والتفسير بعد “أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ” بزيادة: “أسلم خيرًا”.
٣٣- يعني: يؤتك أجرك مرتين لإيمانك بعيسى وإيمانك واتباعك لي، بخلاف الجاهلية وأهل الأوثان الذين لم يكونوا على شيء من دين الله ولا كتاب.
٣٤- اختلف في ضبط (الأريسيين) قَالَ في “الصحاح”: وهي شامية. قَالَ: ويقولون للأريس: أريسي، وفي “الجامع” وزن أريس: فعيل.

وقال ابن فارس: الهمزة والراء والسين ليست عربية.

واختلف في المراد به هنا، والصحيح المشهور أنهم الأكارون. أي:الفلاحون الزراعون، أي: عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك وينقادون لأمرك. ونبه بهؤلاء على جميع الرعايا؛ لأنهم الأغلب في رعاياهم، وأسرع انقيادًا. أي: أكثر تقليدًا، فإذا أسلم أسلموا، وإذا امتنع امتنعوا.

وقد جاء مصرحًا به في “دلائل النبوة” للبيهقي والطبري؛ “فإن عليك إثم الأكارين”. 

قَالَ أبو الزناد: حذره النبي – صلى الله عليه وسلم – إذ كان رئيسًا متبوعًا مسموعًا أن يكون عليه إثم الكفر وإثم من عمله واتبعه. قَالَ – صلى الله عليه وسلم -: “من عمل سيئة كان عليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة”.
٣٥- قوله {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} والحكمة في تخصيص هذِه الآية بالإرسال إلى هرقل دون غيرها من الآي؛ لأنه نصراني، والنصاري (جمعت) (٣) هذِه الأمور الثلاثة فعبدوا عيسى -عليه السلام-، وأشركوا بالله فقالوا: إنه ثالث ثلاثة. واتخذوا الأحبار والرهبان أربابًا من دون الله. قَالَ الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ} الآية .
٣٦- وقوله: ({كَلِمَةٍ سَوَاءٍ} [آل عمران: ٦٤]، هي: لا إله إلا الله.كما رواه عبد بن حميد في “تفسيره” .
٣٧- الصخب بفتح الصاد والخاء، ، ومعناها: (اختلاط) الأصوات وارتفاعها. 

ويقرب منه اللغط وهو بفتح الغين وإسكانها، وكذا وقع في مسلم، وفي البخاري في الجهاد: وكثر لغطهم. وفي التفسير: وكثر اللغط . وهو الأصوات المختلفة. قَالَ أهل اللغة: هو أصوات مبهمة لا تفهم.
٣٨- قوله: (لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابن أَبِي كَبْشَةَ) أما أَمِر فهو بفتح الهمزة وكسر الميم أي: عظم أمره. وأصله من الكثرة، يقال: أَمِر القوم إذا كثروا، وأمرته: كثرته.
٣٩- خبثُ النفسِ: كسلها وقلة نشاطها أو سوء خلقها. 
٤٠- والبطارقة بفتح الباء قواد الملك وخواص دولته وأهل الرأي والشورى منهم، واحدهم بِطريق -بكسر الباء-، وقيل: هو المختال المتعاظم، ولا يقال ذَلِكَ للنساء.
٤١- قوله: (وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً) وهو المتكهن ، 

وفُسر في الحديث ذَلِكَ بأنه ينظر في النجوم ويمكن أن يكون أراد بيان جهة حزوه؛ لأن التكهن يكون لوجوه منها ذَلِكَ.
٤٢- قوله: (مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ) ومعناه: رأيت الملك لطائفة تختتن.
٤٣- قوله: (فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ) هو بضم الياء يقال: أهمني الأمر: أقلقني وأحزنني والهم: الحزن، 

قَالَ الأصمعي: وهممت بالشيء أهم به إذا أردته وعزمت عليه، وهممت بالأمر أيضًا: قصدته، يهمني، وهَم يَهِمُّ -بالكسر- هَمِيمَا: دبَّ، ومراده أنهم أحقر من أن تهتم لهم أو تبالي بهم، والأمر: الشأن.
٤٤- قوله: (فَقَالَ هِرَقْلُ: هذا مَلِكُ هذِه الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ) هو بفتح الميم وكسر اللام ، ومعناها: هذا المذكور يملك (هذِه) الأمة وقد ظهر، والمراد بالأمة هنا أهل العصر .
٤٥- قوله: (فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ) هو بفتح الياء وكسر الراء أي: لم يفارقها، يقال: ما يريم يفعل أي: ما يبرح. يقال: رامه يريمه ريمًا أي: بَرِحه. ويقال: لا ترمه أي: لا تبرحه، قَالَ ابن طريف: ما رامني ولا يريمني لم يبرح عني، ولا يقال إلا منفيًّا، قَالَ الأعشى يحكي قول بنت له:

أيا أبتا لا ترم عندنا … فإنا بخير إذا لم ترم
٤٦- قوله: (يَا مَعْشَرَ الرُّومِ) قَالَ أهل اللغة: هم الجمع الذين شأنهم واحد فالإنس معشر، والجن معشر، والأنبياء معشر، والفقهاء معشر، والجمع معاشر.
٤٧- قوله: (هَلْ لَكُمْ فِي الفَلَاحِ وَالرُّشْدِ) أما الفلاح فهو الفوز والبقاء والنجاة، وأما الرُشد هو خلاف الغي، قَالَ أهل اللغة: هو إصابة الخير.

وقال الهروي: هو الهدى والاستقامة وهو بمعناه .
٤٨- قوله: (فتتابعوا هذا النَّبِيَّ؟) هو بمثناة فوق، ثم أخرى مثلها كذا هو في أكثر الأصول من المتابعة وهي: الاقتداء، وفي بعضها فنتابع وهو بمعناه، وفي بعضها فتبايعوا بالباء الموحدة من البيعة، وكله صحيح.
٤٩- قوله: (فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ) أي: نفروا وكروا راجعين، حاص يحيص: نفر.

وقال الفارسي في “مجمع الغرائب”: هو الروغان والعدول عن طريق القصد.
٥٠- قوله: (إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا) أي: قريبًا أو بعجلة أو في أول وقت كنا فيه أو الساعة، وكله بمعنى، 
٥١- إخبار هرقل وسؤاله عن كل (فصل)إنما كان عن الكتب القديمة وإنما ذَلِكَ كله نعت للنبي – صلى الله عليه وسلم – مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل، وجزم به النووي في “شرحه” فقال: هذا الذي قاله هرقل أخذه من الكتب القديمة، ففي التوراة هذا أو نحوه من أعلام نبوته .
٥٢- جواز مكاتبة الكفار، وقد كاتب النبي – صلى الله عليه وسلم – سبعة من الملوك فيما قاله الداودي: هرقل، وكسرى، والنجاشي، والمقوقس، وملك غسان، وهوذة بن علي، والمنذر بن ساوى.
٥٣- استحباب تصدير الكتب بالبسملة، وإن كان المبعوث إليه كافرًا، وقد قَالَ الشعبي فيما ذكره ابن سعد: كان – صلى الله عليه وسلم – يكتب كما تكتب قريش: “باسمك اللهم”، حتى نزلت: {بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا}، فكتب: “بسم الله”. حتى نزلت: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ}، فكتب: “بسم الله الرحمن”. حتى نزلت: {وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فكتبها.
٥٤- أن السنة في المكاتبات والرسائل بين الناس أن يبدأ الكاتب بنفسه فيقول: مِن فلان إلى فلان. وهو قول الأكثر كما حكاه الإمام أبو جعفر النحاس في كتابه: “صناعة الكتَّاب”.
٥٥- التوقي في الكتابة واستعمال الورع فيها فلا يُفَرِّط (ولا يُفْرِط)؛ وجه ذَلِكَ أنه – صلى الله عليه وسلم – (كتب) “إلى هرقل عظيم الروم” فلم يقل: ملك الروم. لأنه لا ملك له ولا لغيره بحكم دين الإسلام، ولا سلطان لأحد إلا لمن ولاه الشارع أو نائبه فيه بشرطه، وإنما ينفذ بأحكامهم ما ينفذه للضرورة، ولم يقل: إلى هرقل فقط، بل أتى بنوع من الملاطفة (فقال: “عظيم الروم” أي: الذي تعظمه الروم وتقدمه، وقد أمر الله تعالى) بإِلَانَةِ القول لمن يدعى (إلى) الإسلام حيث قَالَ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، وقال تعالى {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} وغير ذلك.
٥٦- وجوب العمل بخبر الواحد، وإلا فلم يكن في بعثه مع دحية فائدة، وهذا إجماع من يعتد به، وسيأتي -إن شاء الله تعالى- (مبسوطًا حيث ذكره البخاري في أواخر “صحيحه” إن شاء الله) وقَدَّرَ الوصول إليه، اللهم أعن عليه.
٥٧- منع ابتداء الكافر من السلام؛ فإنه – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: “سلام على من اتبع الهدى” ولم يسلم عليه، وهو مذهب الشافعي وأكثر العلماء، وأجازه جماعة مطلقًا.
٥٨- والصواب الأول؛ فإنه صح النهي عنه، ومنه: “لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام” كما سيأتي في موضعه -إن شاء الله- قَالَ البخاري (وغيره): ولا يسلم على المبتدع ولا على من اقترف ذنبًا عظيمًا ولم يتب منه، فلا يرد عليهم السلام ، واحتج البخاري بحديث كعب بن مالك، وفيه: فنهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن كلامنا .
٥٩- استعمال أما بعد في الخطب والمكاتبات.
٦٠- دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم، وهذا مأمور به، فإن لم تكن بلغتهم الدعوة كان الأمر به واجبًا، وإن كانت بلغتهم كان مستحبًّا، فلو قوتل هؤلاء قبل إنذارهم ودعائهم إلى الإسلام جاز لكن فاتت السنة والفضيلة.
٦١- جواز المسافرة إلى أرض الكفار.
٦٢- جواز البعث إليهم بالآية من القرآن ونحوها،والنهي عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو محمول على المسافرة بكله أو جملة منه، وعلى ما إذا خيف وقوعه في أيدي الكفار كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- إيضاحه في موضعه، 
٦٣- استدل أصحابنا به على جواز مس المحدث والكافر كتابًا فيه آية أو آيات يسيرة من القرآن مع غير القرآن.
٦٤- استحباب البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة؛ فإن قوله – صلى الله عليه وسلم -: “أَسْلِمْ تَسْلَمْ” في نهاية الاختصار وغاية الإيجاز والبلاغة وجميع المعاني مع ما فيه من بديع التجنيس كقوله تعالى: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فإنه جمع بقوله: “تسلم” نجاة الدنيا من الحرب والخزي بالجزية، وفي الآخرة من العذاب.
٦٥- أن من أدرك من أهل الكتاب نبينا – صلى الله عليه وسلم – فآمن به له أجران كما صرح به هنا، وفي الحديث الآخر في “الصحيح” كما سيأتي: “ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين” منهم (مؤمن) أهل الكتاب (من) آمن بنبيه ونبينا واتبعه وصدق به.
٦٦- البيان الواضح أن صدق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعلاماته كان معلومًا (لأهل)الكتاب علمًا قطعيًا، وإنما تَرَكَ الإيمان من تركه منهم عنادًا وحسدًا وخوفًا على فوات مناصبهم في الدنيا.
٦٧- أن من كان سببًا لضلالةٍ أو مَنْع هداية كان آثمًا لقوله – صلى الله عليه وسلم -: “فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين” وفي هذا المعنى قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}. 
٦٨- أيضا أن الكذب مهجور وعيب في كل أمة.
٦٩- أن العدو لا يؤمن أن يكذب على عدوه وقد سلف.
تم شرح احاديث كتاب بدء الوحي

اختصره ماجد العريفي 

يوم الخميس ٢١-٧-١٤٣٧هـ

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ٦

08 الأحد مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ٦
٦ – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ. 
********
١- هذا الحديث أخرجه البخاري في خمسة مواضع: أخرجه هنا كما ترى، وفي صفة النبي – صلى الله عليه وسلم -،وفي الصوم، وفي فضائل القرآن،وفي بدء الخلق، 
٢- قوله: (وَكَانَ أَجْوَدُ) أي: كان أجود أكوانه في رمضان -أي: أحسن أيامه فيها.
٣- وقوله: (وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ) هو تكرار يسمى عند أهل البيان التوشيح، والجود: كثرة الإعطاء. 
٤- وقوله: (مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ) يعني: إسراعًا وعمومًا، وقيل: عطاؤه عام كالريح.
٥- فيه كما قَالَ القاضي: تجديد الإيمان واليقين في قلبه بملاقاة الملك، 
٦- استحباب مدارسة القرآن وكذا غيره من العلوم الشرعية، وحكمة المدارسة أن الله تعالى ضمن لنبيه أن لا ينساه فأنجزه بها، وخص بذلك رمضان؛ لأن الله تعالى أنزل القرآن فيه إلى سماء الدنيا جملة من اللوح المحفوظ ثمَّ نزل بعد ذَلِكَ نجومًا عَلَى حسب الأسباب .
٧- مجالسة الصالحين فإنه ينتفع بهم.
٨- استحباب إكثار قراءة القرآن في رمضان فإنه – صلى الله عليه وسلم – فعل ذَلِكَ للتأسي.
٩- الحث عَلَى الجود والإفضال في كل الأوقات والزيادة منه في شهر رمضان، 
١٠- زيارة الصالحين وأهل الفضل ومجالستهم كما سلف وتكرير زيارتهم وتواصلها إِذَا كان المزور لا يكره ذَلِكَ ولا يتعطل به عن مهم هو عنده أفضل من مجالسة زائره، فإن كان بخلاف ذَلِكَ استحب تقليلها.
١١- أن قراءة القرآن أفضل من التسبيح وسائر الأذكار، لأنه تكرر اجتماعهما عليه دون الذكر، لا يقال: المقصود تجويد الحفظ، فإنه كان حاصلًا والزيادة فيه تحصل ببعض هذِه المجالمس.
اختصره ماجد محمد العريفي

يوم الاربعاء الموافق ٢٠-٧-١٤٣٧هـ

مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ٥

04 الأربعاء مايو 2016

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

٥ – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦)} قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ -فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَنَا أُحَرِّكُهُمَا لَكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يُحَرِّكُهُمَا. وَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا. فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ -فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧)} قَالَ: جَمْعُهُ لَهُ فِى صَدْرِكَ، وَتَقْرَأَهُ {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨)} قَالَ: فَاسْتَمِعْ لَهُ وَأَنْصِتْ {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩)} [القيامة: ١٩] ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ تَقْرَأَهُ. فَكَانَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – كَمَا قَرَأَهُ. 
**************
١- هذا الحديث أخرجه البخاري هنا، وفي التفسير، وفضائل القرآن، 
٢- قيل: كان يتعجل به حتَّى يكتب لئلا ينسى ، قَالَ تعالى: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ}، وقال: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى } ، وعن الشعبي: إنما يعجل بذكره من حبه له وحلاوته في لسانه، فنهي عن ذَلِكَ حتَّى يجتمع؛ لأن بعضه مرتبط ببعض.
٣- المعالجة: المحاولة وسبب حصولها عظم ما يلاقيه من هيبة الوحي الكريم والملك، قَالَ تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا }.
٤- قوله (وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ) معناه: كثيرًا ما كان يفعل ذَلِكَ، وقيل: معناه: هذا من شأنه ودأبه، حكاه القاضي، فجعل (ما) كناية عن ذَلِكَ.
٥- فيه أنه يستحب للمعلم أن يمثل للمتعلم بالفعل، ويريه الصورة بفعله إِذَا كان فيه زيادة بيان على الوصف بالقول؛ لقول ابن عباس: (فأنا أحركهما لك كما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحركهما).
٦- قوله: فإذا {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} [القيامة: ١٨]، أي: قراءة جبريل عليك،
٧- وقوله: (فاتبع قرآنه) أي: فاستمع له وأنصت . 
٨- وقوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ }، أي: أن تقرأه، وفي مسلم: أن نُبَيِّنَهُ بلسانك ، وقيل: بحفظك إياه، وقيل: ببيان ما فيه من حلال وحرام.
٩- والإنصات: السكوت. والاستماع: الإصغاء.
١٠- أعاد (كان) في قوله: (وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ) مع تقدمها في قوله: (كَانَ يُعَالِجُ)، وهو جائز إِذَا طال الكلام كما في قوله تعالى: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ } وغيرها.
١١- في الحديث أن أحدًا لا يحفظ القرآن إلا بعون الله وَمنَّهِ وفَضْلِهِ، قَالَ الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ }.
١٢- معنى أمر الله تعالى نبيه أن لا يحرك بالقرآن لسانه ليعجل به، وعدته له أن يجمعه في صدره، لكي يتدبره ويتفهمه وتبدو له عجائب القرآن وحكمته وتقع في قلبه مواعظه فيتذكر بذلك، ولتتأسى به أمته في تلاوته، فينالوا بركته ولا يُحْرموا حكمته، وقد ذكر الله هذا المعنى فقال: {مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}.
اختصره ماجد محمد العريفي

يوم الثلاثاء الموافق ١٩-٧-١٤٣٧هـ

← Older posts

اشترك

  • Entries (RSS)
  • Comments (RSS)

الأرشيف

  • أغسطس 2022
  • يوليو 2022
  • مايو 2022
  • أبريل 2022
  • فبراير 2022
  • يناير 2022
  • ديسمبر 2021
  • نوفمبر 2021
  • أكتوبر 2021
  • سبتمبر 2021
  • أغسطس 2021
  • يوليو 2021
  • يونيو 2021
  • مايو 2021
  • أبريل 2021
  • يناير 2021
  • ديسمبر 2020
  • نوفمبر 2020
  • أكتوبر 2020
  • نوفمبر 2017
  • أكتوبر 2017
  • سبتمبر 2017
  • أغسطس 2017
  • يوليو 2017
  • يونيو 2017
  • مايو 2017
  • أبريل 2017
  • مارس 2017
  • فبراير 2017
  • ديسمبر 2016
  • سبتمبر 2016
  • أغسطس 2016
  • يوليو 2016
  • يونيو 2016
  • مايو 2016
  • أبريل 2016
  • مارس 2016
  • أكتوبر 2015
  • أغسطس 2015
  • يونيو 2015
  • أبريل 2015
  • مارس 2015
  • فبراير 2015
  • نوفمبر 2014
  • أكتوبر 2014
  • أغسطس 2014
  • يوليو 2014
  • يونيو 2014
  • أبريل 2014
  • مارس 2014
  • فبراير 2014
  • يناير 2014
  • ديسمبر 2013
  • نوفمبر 2013
  • أكتوبر 2013
  • سبتمبر 2013
  • أغسطس 2013

التصنيفات

  • Uncategorized

منوعات

  • تسجيل
  • تسجيل الدخول

المدونة على ووردبريس.كوم.

  • تابع متابع
    • ماجد بن محمد العريفي
    • ألديك حساب ووردبريس.كوم بالفعل؟ تسجيل الدخول الآن.
    • ماجد بن محمد العريفي
    • تخصيص
    • تابع متابع
    • تسجيل
    • تسجيل الدخول
    • إبلاغ عن هذا المحتوى
    • مشاهدة الموقع في وضع "القارئ"
    • إدارة الاشتراكات
    • طي هذا الشريط