-4-

قال ابو كندا

فإن قلت وهل كل كلام الرسول ﷺ ذكر ؟؟؟؟قلت لك لا .

الذكر هو كل مانطق به الرسول ﷺ فقط ، قال تعالى { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى(3) إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى(4) } ولو كان الله عز وجل يقصد كل كلام الرسول ﷺ وحي لقال وما يتكلم عن الهوى ، لكنه قال وما ينطق عن الهوى .

فإن قلت ما الفرق بين النطق والكلام .

قلت لك الكلام عرفه العلماء : بلفظ يفيد معنى .

فلا يدخل فيه الصمت والفعل واللفظ الذي لا يفيد معنى .

واما النطق فلم يُعرفه أحد .

لذلك سأحاول أن أعرفه لك على شروط التعريف التي وضعها العلماء .

جذر النطق هو ( النون والطاء والقاف )

وهذا الجذر يدل عامة على المحدود ، فتجد (نطاق) تدل على محدوديته إما ارقام او تردد أو غير ذلك .

و(منطقة) تدل على المكان المحدود .

و(علم المنطق ) هو العلم الذي يُبدأ به بتأسيس المسلمات ثم يبني على نطاق هذه المسلمات ، فهو محدود على ما بني عليه .

ثم ان النطق اذا اضيف للانسان يعتبر قول، فالسكوت قول والاشارة قول والفعل قول والكتابة قول والكلام قول، وإليك هذا المثال

قال الرسول ﷺ : ” ألأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها “. موطأ مالك (١)

صمت البكر هنا يعتبر نطق.

وبعد ان تبين لك ذلك سأعرف (النطق) واقول لك هو

قول يفيد معنى محدد بأمر .

فنطق الرسول ﷺ هو كل قول او اشار او اقرار او سكوت او كتابة او كلام محدد بالأحكام الشرعية التي انزلها الله عز وجل عليه.

وهناك حديث يوافق معنى التعريف لكنه ليس بحجة رواه الدارمي قال رسول الله ﷺ ” الطواف بالبيت صلاة، إلا أن الله أباح فيه المنطق، فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير “.

اي انه ابيح لك النطق مثل الكلام لكن بحدود الحاجة وان كان كثيرا .

وحتى تعرف الفرق بين كلام الرسول ﷺ ونطقه اذكر لك الامثلة

عن عائشة قالت : دخل علي النبي ﷺ بأسير، فلهوت عنه فذهب، فجاء النبي ﷺ فقال : ” ما فعل الأسير ؟ “. قالت : لهوت عنه مع النسوة. فخرج فقال : ” ما لك قطع الله يدك “، أو : ” يديك “. فخرج، فآذن به الناس، فطلبوه، فجاءوا به، فدخل علي وأنا أقلب يدي، فقال : ” ما لك ؟ أجننت ؟ “. قلت : دعوت علي فأنا أقلب يدي أنظر أيهما يقطعان. فحمد الله وأثنى عليه، ورفع يديه مدا وقال : ” اللهم إني بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه فاجعله له زكاة وطهورا “.رواه احمد(٢)

فلو تأملت في هذا الحديث لوجدت ان النطق هو ” اللهم إني بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه فاجعله له زكاة وطهورا ” ، ودعاءه على عائشة هو كلام .

وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رَجُلَانِ، فَكَلَّمَاهُ بِشَيْءٍ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَأَغْضَبَاهُ، فَلَعَنَهُمَا وَسَبَّهُمَا، فَلَمَّا خَرَجَا قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا مَا أَصَابَهُ هَذَانِ. قَالَ : ” وَمَا ذَاكِ ؟ ” قَالَتْ : قُلْتُ : لَعَنْتَهُمَا وَسَبَبْتَهُمَا. قَالَ : ” أَوَمَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي ؟ قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا “. رواه مسلم

والشاهد هو “أَوَمَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي ؟ قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، فَأَيُّ الْمُسْلِمِينَ لَعَنْتُهُ أَوْ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْهُ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا ” فهذا كله نطق ، واما لعنه وسبه فهو كلام.

وحديث عَائِشَةَ ، الذي فيه “وَقَالَتْ بِنْتُ حُيَيٍّ : مَا أُرَانِي إِلَّا حَابِسَتَكُمْ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” عَقْرَى حَلْقَى ، مَا أُرَانِي إِلَّا حَابِسَتَكُمْ، أَلَيْسَ قَدْ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ ” قَالَتْ : بَلَى. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” فَانْفِرِي “. البخاري

فالكلام هنا “عقرى حلقى ” والنطق هو “أَلَيْسَ قَدْ طُفْتِ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ ” قَالَتْ : بَلَى. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” فَانْفِرِي “.

ارجوا من الله اني استطعت اوضح لك ماكنت اقصد .

————

١- قال ابو كندا الحديث حجة

٢- قال أبو كندا الحديث حجة