بعد ان تكلمت عن معنى “أثر” في اللغة ارسل لي رجل معروف بالخير لذلك أظن أن اباه سماه ابوه ابو الخير تيمناً وتمنياً بأن يكون من اهل الخير، وهو بإذن الله من أهل الخير ، والشهادة لله ما رأيت منه الا خيرا، -ولا نزكي على الله احدا-

كانت رسالته هي :

” ولعل لك تعريجا على الفرق بين التمني والرجاء فقد سمعت احدهم يذم ان تتمنى لأحد شيئا لأنه يدخل في طلب المحال. وقال انه يجب استبدالها بأرجو لأمكانية تحقق الرجاء.

ولم يتسن لي ان ابحث في هذا. فلعلك تفيدنا بارك الله فيك”. 

ولما تأخرت عليه لمدة شهر الا ايام ، ارسل لي رسالة لطيفة خفيفة ليس فيها عتاب فقال

 ” صباح الخير ، لازلت انتظر بحثك حول ارجو واتمنى”

اجبرتني هذه الرسالة على البحث في المسألة مع اني ليس أهل لها.

وبعد البحث والقراءة ارسلت له وقلت

” بعد الاطلاع والبحث تبين لي :

ان الرجاء : اساسه الشك والخوف والطمع، فلايكون الا في المستقبل ولا يكون في المستحيل، 

وأما التمني : اساسه التقدير – اي معرفة مقدار الشيء- وتيقنك منه- ويكون في الماضي والمستقبل وفي المستحيل والممكن.

مثالها

اذا رأيت طالبا ضعيفا في الدراسة لأنه لا يذاكر او لا يستطيع أن يجمع ما ذاكره ودرجاته ضعيفة، وتريد أن تعطيه امل حتى لاييأس، تقول له (ارجو ) ان تكون في المستقبل طبيبا -مع انك شاك في ذلك، لأنه ضعيف في الدراسة، او تطمع في أن يجد في المذاكرة ويتحسن مستواه في الدراسة.

اما اذا رأيت طالبا متفوقا في الدراسة وتعلم ان درجاته ستدخله كلية الطب وترى أن الطب مكافئة لإجتهاده ، تقول له (اتمنى) ان تكون طبيبا ، حتى ولو كنت تعلم انه لن يدخل الطب لأن الطالب يكره الطب.

كذلك لو رأيت رجلا متعقلا دمث الخلق يعدل بين موظفينه تقول له (اتمنى ) أن تكون مديرا في شركتنا حتى تعدل بيننا، مع انك تعلم انه لن يكون مديرا في شركتكم ابدا، فمؤهلة لا يطابق متطلبات شركتكم.

وكذلك لو جلست تفكر في حادثة قد مضت وبعد تفكير وتقدير ، رأيت انك تصرفت تصرف غير مستحسن، هنا تقول (تمنيت ) لو فعلت كذا، ولا تقول رجوت اني فعلت كذا.

وكذلك لو قال لك احد (ارجو ) ان تترقى الى مرتبة أعلى من مرتبتك فيعني انه شاك انك تستحقها.

ولو قال لك (اتمنى) ان تترقى الى مرتبة أعلى من مرتبتك فهو متيقن انك تستحق مرتبة أعلى .

وانا والله اتمنى لك ان تترقى مرتبة اعلى من مرتبتك.
كتبه 

ماجد بن محمد العريفي

يوم السبت 15-2-1439هـ

4-11-2017
وهنا وضعت ما استندت اليه من اقوال اهل اللغة، فإن كان للسادة القراء اي تعليق فاليسعفوني به.
1- الرجاء

قال احمد في العين

“الرجاء: نقيض اليأس”

وقال “الأمل: الرجاء”

قال ابن الانباري في الأضداد

“كما قيل راج للطمع في الشيء، وراج للخائف، لأن الرجاء يقتضي الخوف إذ لم يكن صاحبه منه على يقين، قال الله عز وجل: وترجون من الله ما لا يرجون، فقال الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: معناه: وتخافون من الله ما لا يخافون. وقال الفراء: العرب لا تذهب بالرجاء مذهب الخوف إلا مع الجحد، كقولهم: ما رجوت فلانا، أي ما خفته، قال الله عز وجل: (ما لكم لا ترجون لله وقارا)، فمعناه: لا تخافون لله عظمة.

لعمرك ما أرجو إذا مت مسلما … على أي جنب كان في الله مصرعي

معناه ما أخاف”. 

وقال ايضا 

“وقوم من العرب يجعلون الخوف في معنى الرجاء فيقولون: أتيت فلانا فما خفت أن ألقاه فلقيته. يريدون فما رجوت، يذهبون بالخوف مذهب الرجاء؛ كما ذهبوا بالرجاء مذهب الخوف في مثل قول الشاعر:

تعسفتها وحدي فلم أرج هولها … بحرف كقوس القان باق هبابها

معناه: ولم أخف هولها. وقال الآخر:

وأعتقنا أسارى من نمير … لخوف الله أو نرجو العقابا”.
وقال صاحب الفروق اللغوية

“وكذلك الرجاء لا يكون إلا مع الشك ومن تيقن النفع لم يكن راجيا له “.

وقال ايضا 

“أن الرجاء هو الظن بوقوع الخير الذي يعترى صاحبه الشك فيه إلا أن ظنه أغلب وليس هو من قبيل العلم والشاهد أنه لا يقال أرجو أن يدخل النبي الجنة لكون ذلك متيقنا ويقال أرجو أن يدخل فلان الجنة إذا لم يعلم ذلك والرجاء الأمل في الخير والخشية الخوف في الشر لأنهما يكونان مع الشك في المرجو والمخوف ولا يكون الرجاء إلا عن سبب يدعو إليه من كرم المرجو أو ما به إليه ويتعدى بنفسه تقول رجوت زيدا والمراد رجوت الخير من زيد “.
وقال صاحب معجم الفروق اللغوية

“وأما الرجاء: فهو بين الامل والطمع، فإن الراجي قد يخاف أن لا يحصل مأموله.

ولهذا يستعمل بمعنى الخوف”.

ثم قال

“وقال بعضهم: الامل يكون في الممكن والمستحيل.

والرجاء يختص بالممكن.

قلت: الصحيح أن هذا الفرق بين التمني والرجاء.

وأما الامل فلا يكون في المستحيل”.

وقال ايضا

“الرجاء لا يكون إلا مع الشك ومن تيقن النفع لم يكن راجيا له”.
وقال صاحب المعجم الاشتقاقي المؤصل

“الرجاء بمعنى الأمل والطمع، لأن الراجي ليس مطمئنا متيقنا بحصول ما يرجو، بل تخالجه درجة من توقع الحرمان. وذلك واضح في تفسير قوله تعالى عن المؤمن {يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه}

وهو معنى الطمع الذي يفسر به {أولئك يرجون رحمت الله} [البقرة: ٢١٨] وكذلك ما في [النساء ١٠٤، هود ١٢، الإسراء ٢٨، ٥٧، النور ٦٠، القصص ٨٦، فاطر ٢٩] [ينظر بحر ٢/ ١٦١] أما في قوله تعالى {فمن كان يرجو لقاء ربه} [الكهف: ١١٠] {وقال الذين لا يرجون لقاءنا} [الفرقان ٢١] وكذا سائر الآيات التي تثبت أو تنفي الرجاء في لقاء الله واليوم الآخر أو النشور أو الحساب أو أيام الله = فإن الرجاء فيها بمعنى التوقع، وهو صورة من الطمع”.
2- التمني

قال ﷺ ” إذا تمنَّى أحَدُكم فليَسْتَكثِرْ، فإنما يَسألُ ربَّه عز وجل “. السلسلة الصحيحة
وقال ﷺ ” يؤتَى بالرَّجلِ من أهلِ الجنَّةِ فيقولُ اللهُ له يا بنَ آدمَ كيف وجدتَ منزلَك فيقولُ أيْ ربِّ خيرُ منزلٍ فيقولُ سلْ وتمنَّه فيقولُ وما أسألُك وأتمنَى أسألُك أن ترُدَّني إلى الدُّنيا فأُقْتلَ في سبيلِك عشر مرَّاتٍ ؛ لما يرَى من فضلِ الشَّهادةِ”. الترغيب والترهيب
وقال ﷺ ” ( لا تتمنوا لقاء العدو ، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنةَ تحتَ ظلالَ السيوفِ ) البخاري
وقال صاحب تهذيب اللغة

“وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: التمني: حديث النفس بما يكون وبما لا يكون.

قال: والتمني: السؤال للرب في الحوائج، وفي الحديث: (إذا تمنى أحدكم فليستكثر فإنما يسأل ربه) .

قال أبو بكر: تمنيت الشيء، أي: قدرته وأحببت أن يصير إلي، من (المنا) وهو (القدر) “.

ثم قال

“وقال رجل لابن دأب، وهو يحدث: هذا شيء رويته أم شيء تمنيته؟

معناه: افتعلته واختلقته ولا أصل له.

قال: والتمني: الكذب.

يقول الرجل: والله ما تمنيت هذا الكلام ولا اختلقته.

وقال تعالى: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أمانى} (البقرة: ٧٨) .

قال أبو إسحاق: قالوا فيه قولين:

قيل: معناه: لا يعلمون الكتاب إلا تلاوة.

وقد قيل: إلا أماني، أي: إلا أكاذيب.

والعرب تقول: أنت إنما تمتني هذا القول، أي: تختلقه.

قال: ويجوز أن يكون (أماني) نسب إلى أن القائل إذا قال ما لا يعلمه فكأنه إنما يتمناه، وهذا استعمل في كلام الناس، فيقولون للذي يقول ما لا حقيقة له وهو يحبه، هذا منى، وهذه أمنية”.
وقال صاحب مقاييس اللغة 

” [باب الميم والنون وما يثلثهما]

(مني) الميم والنون والحرف المعتل أصل واحد صحيح، يدل على تقدير شيء ونفاذ القضاء به.

منه قولهم: منى له الماني، أي قدر المقدر. قال الهذلي:

لا تأمنن وإن أمسيت في حرم … حتى تلاقي ما يمني لك الماني

والمنا: القدر. قال:

سأعمل نص العيس حتى يكفني … غنى المال يوما أو منا الحدثان

وماء الإنسان مني، أي يقدر منه خلقته. والمنية: الموت لأنها مقدرة على كل. وتمني الإنسان كذا قياسه، أمل يقدره. قال قوم له ذلك الشيء الذي يرجو.

ومما يجري هذا المجرى المنا: الذي يوزن به، لأنه تقدير يعمل عليه. وقولنا: تمنى الكتاب: قرأه. قال الله تعالى: {إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} [الحج: ٥٢] ، أي إذا قرأ. وهو ذلك المعنى، لأن القراءة تقدير ووضع كل آية موضعها”.
وقال صاحب المعجم الوسيط

“(تمنى) الشيء قدره وأحب أن يصير إليه”.
وقال صاح تاج العروس : 

“وقال شيخنا:- الرجاء- هو الطمع في ممكن الحصول، أي بخلاف التمني فإنه يكون في الممكن والمستحيل”.

وقال

“وتمنيت زيدا ورجوته بمعنى”.