ماجد بن محمد العريفي

~ اقول بما قاله الله عز وجل في كتابه، وبما قاله رسوله بسند حجة

ماجد بن محمد العريفي

Tag Archives: التفسير

البقرة 34-4

18 السبت ديسمبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, هل ابليس من الملائكة, آدم, الملائكة, التفسير, الحكمة, الحكيم, الخليفة, العليم, ابليس, جاعل, حاج آدم موسى, سفك الدماء, سورة البقرة, سبحان

قال ابو كندا لهذا ارجح ان ابليس من الملائكة .

وقولي انه من الملائكة لا يعني انه ليس من الجن بل هو من الملائكة من فئة تسمى الجن

ثم ان قاعدتي المعروفة في تأويل القران ، ان الله عز وجل انزل هذا القران بلسان عربي مبين ، والعرب معروف عنهم انهم اميون ، فهم يفهمون الكلام بظاهره ولا يلوونه عن ظاهره البته الا ان لم يستطيعوا فهمه على ظاهره فيبحثون عن قرينة تساعدهم على فهم الخطاب.

والله عز وجل ذكر هذه القصة في كتابه سبع مرات كلها يبتدأها بتخصيص الامر للملائكة فيقول { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ(34) } البقرة

{ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ(11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ(12)}الاعراف

{ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) } الحجر

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلا (62) } الاسراء

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا(50) } الكهف

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) } طه

{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (74) } ص

سبع مواضع يصدرهن بتخصيص الامر للملائكة لو قرأت على حجر لعلم الحجر ان الامر خاص بالملائكة .

ومع ذلك يأتي احد من البشر ويقول ان الامر للملائكة ولمن دون الملائكة ممن حضر الموقف .

سبع ايات قالها الله عز وجل كلها يخصص الامر بالملائكة ولا مرة فيها استخدم الضمير وقال: قلت لهم ، حتى نقول هذه الاية فيها اشارة ان الامر لمن حضر مع الملائكة ،

سبع مرات يذكر الله عز وجل لك ان الامر للملائكة ثم يقول مرة واحدة { قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ } حتى يفهم من كان ثقيل الفهم ان الامر الذي خصصه للملائكة داخل فيه ابليس لأنه من الملائكة ، ومع ذلك وجدت احدهم يقول لعل هذا الامر الذي خصه ابليس لم يذكره الله عز وجل كيفيته او متى امره بذلك . – والله المستعان –

ياثقيل الفهم اقرأ هذه السبع ايات مرة اخرى سترى متى امر الله عز وجل ابليس بالسجود ؟ وماذا قال له ؟ فابليس من الملائكة .

فإن قال اكثر المعتزلة – لان بعض منهم لم يقتنع بقولهم –

ان قول الله عز وجل { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ }

هو استثناء منقطع لا اختلاف الجنسين – جنس الملائكة وجنس الجن – لما رواه مسلم بسنده عن عائشة قالت : قال رسول الله ﷺ :

” خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم “.

فلا يعقل ان تكون الجن ملائكة لأن الجن مخلوقين من نار والملائكة مخلوقين من نور.

قال المعتزلة ذلك لأنها تستخدم العقل في الغيبيات فظلوا وأظلوا .

قال ابو كندا : ولو استخدمنا عقلنا في الغيبيات لقلنا النور القوي ينتج نار ، والنار تنتج نور ، مثلها مثل التراب والطين والصلصال والفخار

ولو فكرنا بتفكير المعتزلة لقلنا ان المرأة خلق اخر يختلف عن البشر ، لما رواه مسلم ايضا بسنده عن ابي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ ” إن المرأة خلقت من ضلع “

ولو فكرنا مثل المعتزلة لقلنا يتحتم عليكم أن تقولوا إن ادم وعيسى خلق اخر يختلف عن خلق الانسان ، لأن الله عز وجل صرح في كتابه انه خلق ادم وعيسى من تراب ولم يصرح انه خلقهما من نطفة فقال عز وجل ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59].

اما الانسان فلم يصرح في كتابه انه خلقه من تراب .

وهل خلق الناس يختلف عن خلق الانسان فالله عز وجل صرح في كتابه انه خلق الناس من تراب ونطفة ولم يذكر انه خلقهم من طين قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ﴾ [الحج: 5].

ولو تجعل عقلك يفكر اكثر ، كطريقة المعتزلة ، لقلت ان ادم وعيسى والناس هم خلق يختلف عن خلق الانسان ، لأن ادم وعيسى والناس بداية خلقهم من تراب ، اما خلق الانسان فبدأه من الطين قال تعالى { وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ(7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ(8)

والتراب ليس طين كما ان النور ليست نار .

ولو فكرنا كما تفكر المعتزلة لقلنا عندما خاطب الله عز وجل المشركين بأنهم خلق من طين لازب فقال تعالى ﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ ﴾ [الصافات: 11].

ان خلق الانسان يطلق على المشركين والشياطين لأن الله عز وجل بدء خلقهم من طين .

فيخرج من هذا التفكير في الغيبيات ان هناك خلق اسمه:

١- البشر : وهم ادم وعيسى ومن مثلهم من من لم يذكرهم الله عز وجل لنا وقد يكونون في ارض اخرى غير ارضنا ، لقول الله عز وجل { { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) }

٢- الناس : وخلقوا من تراب وماء

٣- الانسان : بدء خلقهم من طين

٤- المرأة : خلقت من ضلع

٥- الانس : وهم خلق مجهول لم يذكر الله عز وجل كيف خلقهم .

وهذا كله نتاج تحريك العقل في الغيبيات وهو يؤدي الى الضلال والعياذ الله .

قال ابو كندا : ما ضركم لو صدقتم وآمنتم بظاهر كلام الله عز وجل بالغيبيات .

الا تذكروا قول الله عز وجل عندما قال { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7 ) }

الا يسعكم ما فهم ابن عباس وابن المسيب وصرحا بأن ابليس من الملائكة وهما القرشيان وقد نزل القران بلسان قومهما ولم ينازعهما صحابي او تابعي من جيلهما .

لماذا تركتم قول الله عز وجل الذي فيه التصريح بتخصيص الامر للملائكة وانصراف الامر لابليس لأنه منهم وهو قوله عز وجل { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ(11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ(12)}الاعراف

وذهبتم الى متشابه من القول وهو قوله عز وجل { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا(50) }

فإن قلتم ما دليلك ان هذه الاية متشابه ؟

قلت لانكم اختلفتم عليها ام الايات الست الباقية لم تختلفوا عليها فهي اذا محكمات .

اما قولهم استثناء منقطع ، قلنا لا نسلم بذلك

لأن الاسناد المنقطع عند العرب قديما لابد ان يتوفر فيه شرطان ، الاول النفي والثاني اختلاف الجنس .

كما حكاه ابن السراج المتوفي ٣١٦هـ في كتابه الاصول في النحو وهو اول كتاب رأيته يتحدث عن الاسناد المنقطع بهذا المصطلح.

اما سيبوية فتحدث عنه في كتابه في باب ما لا يكون ( إلا) على معنى ( ولكن) ، ولم يسمع باصطلاح الاسناد المنقطع .

فهذا الذي تعرفه العرب قديما ،

اما من قال ان لا الاسناد المنقطع في اختلاف الجنسين فقط فهذا ليس من كلام العرب .

ولو نظرنا الى قول الله عز وجل { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا (50) }

نجد انه (واجب) وليس (منفي) اذا لا يكون مستثنى منقطع لانه لا يستوفي الشروط ، فثبت انه مستثنى متصل .

وايضا لا نسلم بختلاف الجنسين لأن العرب تطلق كلمة جن على ما استتر ، فالطفل في بطن امه يسمونه جنين ، والحديقة التي اشجارها تستر من فيها تسمى جنة .

قال مكي : وقيل: سمي من الجن لأنه لا يرى، كما سمى الله الملائكة جناً، فقال: {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً} [الصافات: ١٥٨]. وأصله كله الاستتار.أ،هـ

قال السمعاني : وَأما قَوْله: {كَانَ من الْجِنّ} قيل: إِن فرقة من الْمَلَائِكَة سموا جنا خلقهمْ الله تَعَالَى من النَّار. وَعَلِيهِ دلّ قَوْله تَعَالَى: {وَجعلُوا بَينه وَبَين الْجنَّة نسبا} .

حَيْثُ قَالُوا الْمَلَائِكَة بَنَات الله. فسماهم جنَّة. وَإِنَّمَا سموا جنا لاستتارهم عَن الْأَعْين.

قال ابن عطية : وقوله تعالى: إِلَّا إِبْلِيسَ نصب على الاستثناء المتصل، لأنه من الملائكة على قول الجمهور، وهو ظاهر الآية. أ،هـ

البقرة 34-3

17 الجمعة ديسمبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, آدم, الملائكة, التفسير, الحكمة, الحكيم, الخليفة, العليم, ابليس, جاعل, سورة البقرة, سبحان

قال تعالى { فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤) }

قال ابو كندا : اختلف أهل التأويل في ابليس : هل هو من الملائكة، أم هو من غيرها؟ على قولين :
القول الاول :
انه من الملائكة محتجين بروايات كثيرة مسندة الا ان اصحها هي الاتي :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ إِبْلِيسُ اسْمُهُ عَزَازِيلُ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَفِ الْمَلائِكَةِ مِنْ ذَوِي الأَرْبَعَةِ الأَجْنِحَةِ ثُمَّ أُبْلِسَ بَعْدُ.(١)

قال ابن عباس: كان إبليس من أشراف الملائكة وأكرمهم قبيلة، وكان خازنًا على الجنان، وكان له سلطانُ سماء الدنيا، وكان له سلطانُ الأرض. قال: قال ابن عباس: وقوله: (كَانَ مِنَ الْجِنِّ) إنما يسمى بالجنان أنه كان خازنًا عليها، كما يقال للرجل مكي ومدَنيّ وكوفيّ وبصريّ. (2)

وعن سعيد بن المسيب، قال: كان إبليس رئيسَ ملائكة سماء الدنيا (3)

وعن قتادة، قوله: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ) [سورة الكهف: ٥٠] ، كان من قبيل من الملائكة يقال لهم”الجن”، وكان ابن عباس يقول: لو لم يكن من الملائكة لم يُؤمر بالسجود، وكان على خِزانة سماء الدنيا، قال: وكان قتادة يقول: جَنَّ عن طاعة ربه (4)

عن قتادة، في قوله:”إلا إبليسَ كان من الجن” قال: كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن (5)

وقال صاحب مجاز القران ابو عبيدة : في قوله { إلا إبليس }نصب إبليس على استثناء قليل من كثير،أ،هـ

وحدث ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثنا محمد بن إسحاق، قال: أما العرب فيقولون: ما الجنّ إلا كل من اجتَنَّ فلم يُرَ. وأما قوله:”إلا إبليس من كان من الجن” أي كان من الملائكة، وذلك أن الملائكة اجتنُّوا فلم يُرَوْا. وقد قال الله جل ثناؤه: (وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) [سورة الصافات: ١٥٨] ، وذلك لقول قريش: إن الملائكة بناتُ الله، فيقول الله: إن تكن الملائكة بناتي فإبليس منها، وقد جعلوا بيني وبين إبليس وذريته نسبًا. قال: وقد قال الأعشى، أعشى بني قيس بن ثعلبة البكري، وهو يذكر سليمانَ بن داود وما أعطاه الله:
وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ خَالِدًا أَوْ مُعَمَّرا … لَكَانَ سُلَيْمَانُ الْبَرِيءُ مِنَ الدَّهْرِ
بَرَاهُ إِلَهِي وَاصْطَفَاهُ عِبَادَهُ … وَمَلَّكَهُ مَا بَيْنَ ثُرْيَا إِلَى مِصْرَ
وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الْمَلائِكِ تِسْعَةً … قِيَامًا لَدَيْهِ يَعْمَلُونَ بِلا أَجْرِ
قال: فأبت العربُ في لغتها إلا أنّ “الجن” كل ما اجتنَّ. يقول: ما سمَّى الله الجن إلا أنهم اجتنُّوا فلم يُرَوا، وما سمّي بني آدم الإنس إلا أنهم ظهروا فلم يجتنوا. فما ظهر فهو إنس، وما اجتنّ فلم يُرَ فهو جنّ .(6)

قال ابو كندا وهذا القول هو الصواب عندي وهو قول ان ابليس من الملائكة عامة وهو من حي او من نوع او من قبيلة يقال لها الجن .
وهذا ما اصدق به وأؤمن به.
وهو اختيار الطبري ابن ابي حاتم واكثر المفسرين من اهل السنة قديما .
ويكفيك انه صح عن ابن عباس وسعيد ابن المسيب وهما قرشيان وقد نزل القران بلغتهم.

فإن قال قائل : كيف تحتج برواية ابن عباس وابن المسيب وفي روايتهما تفاصيل غيبية لم يذكرها الله عز وجل ولم يذكرها رسوله ﷺ ، وانت دائما تقول لا احتج بالامور الغيبية الا بقال الله عز وجل وقال رسوله ﷺ فقط.
قال ابو كندا : انما احتججت بمجمل مفهوم رواية ابن عباس وابن المسيب فقط وهو ان ابليس من الملائكة كما صرحا بذلك .
اما تفاصيل روايتهما في ان ابليس مِنْ أَشْرَفِ الْمَلائِكَةِ مِنْ ذَوِي الأَرْبَعَةِ الأَجْنِحَةِ ثُمَّ أُبْلِسَ بَعْدُ. او ان ابليس رئيس ملائكة سماء الدنيا، فلا اؤمن به لأنه امر غيبي لا يعلمه الا الله عز وجل ولم يخبرنا به في كتابه ولا من طريق رسوله ﷺ .
بل ان الله عز وجل نفى ذلك في قوله { لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعً } فلو كان من المقربين ومن اشراف الملائكة او اسيادهم لمَ استنكف.

قال ابو كندا : اما القول الثاني الذي نصره المعتزلة قديما حتى تلاقاه اهل السنة المتأخرين، وهو قولهم ان ابليس ليس من الملائكة .
واحتجوا بروايات كثيرة اصحها ثلاث روايات فقط وهي :

عن عوف عن الحسن، قال: ما كان إبليسُ من الملائكة طرفةَ عين قطّ، وإنه لأصل الجنّ، كما أن آدم أصل الإنس .(7)

عن قتادة، قال: كان الحسن يقول في قوله:”إلا إبليس كانَ من الجن” ألجأه إلى نسبه، فقال الله: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا) [سورة الكهف: ٥٠] ، وهم يتوالدون كما يتوالد بنو آدم . (8)

وقال ابن زيد: إبليس أبو الجن، كما آدم أبو الإنس . (9)

قال ابو كندا الرواية الاولى والثانية عن الحسن وكلاهما مقاربة للصحيح ، والرواية الاولى التي رواها عنه عوف بن ابي جميلة فيها نص صريح ان الحسن يرى ان ابليس ليس من الملائكة ، ولكن الرواية الاخرى التي رواها قتادة عن الحسن ايضا، لم يصرح فيها الحسن ان ابليس ليس من الملائكة ، انما قال في قوله { كان من الجن } ان الله عز وجل الجأه الى نسبه ، وهذا ليس فيه تصريح انه ليس من الملائكة ، بل يفهم من انه من الملائكة لكن الله ذكره باسم نسبه وليس بأصله .

فإن قلتم اي الروايتين اقرب لك في الصناعة الحديثية قلت لكم رواية قتادة عن الحسن ، لان عوف ابن ابي جميلة عرف عنه مع ثقته الا انه يتفرد بالغرائب عن الحسن خاصة ، ذكر ابن سعد في الطبقات عن عوف قال: إنه ليجئ عن الحسن بشيء ما يجئ به أحد . قال : وكان يتشيع .
ولو لم يكن الا هذه الرواية لأيقنت ان الحسن قال ذلك – وتفرد بمخالفة من قبله – ، ولكن اذا روى قتادة عنه غير ذلك فالاقرب انه قال ما رواه عنه قتادة وما وافق من كان قبله ، ان ابليس من الملائكة ونسبة من الجن وهو حي او قبيلة او نوع من الملائكة يقال لهم الجن .

قال ابو كندا اما الرواية الثالثة التي روت قول ابن زيد ، ليس فيه نص صريح ان ابليس ليس من الملائكة ، والذي يفهم منه أن ابليس الان ابو الجن كما ادم ابو الانس وهذا صحيح لا غبار عليه وكل الفريقان يقولون بذلك .

قال ابو كندا لهذا ارجح ان ابليس من الملائكة .

البقرة 34-2

11 السبت ديسمبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, الملائكة, التفسير, الحكمة, الحكيم, الخليفة, العليم, ابليس, جاعل, حاج آدم موسى, سفك الدماء, سورة البقرة, سبحان

قوله { اسْجُدُوا لآدَمَ }
قال ابو كندا : واظهار لفظ (آدم ) هنا دون الاتيان بالضمير، فيه دلالة على ان المقصود بالسجود هو ادم وليس غيره.

قال ابن جرير : وكان سجود الملائكة لآدم تكرمةً لآدم وطاعة لله، لا عبادةً لآدم، كما:-
عن قتادة، قوله:”وإذْ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم”، فكانت الطاعة لله، والسجدة لآدم، أكرم الله آدم أن أسْجَد له ملائكته. [١]

قال ابو كندا وهذا هو القول الصحيح ، فالسجود ليس عبادة انما هو تكريم او تعظيم لأدم بالسجود طاعة لله عز وجل لأنه امرهم بذلك .
قال ابن عطية : والسجود في كلام العرب الخضوع والتذلل، وغايته وضع الوجه بالأرض،
قال الثعالبي : ولا تدفع الآية أنْ يكونوا بلغوا غاية السجود،
وقال السمرقندي : فأصل السجود في اللغة: هو الميلان والخضوع، والعرب تقول: سجدت النخلة إذا مالت، وسجدت الناقة إذا طأطأت رأسها ومالت.
وإنما كانت تلك سجدة التحية لا سجدة العبادة، وكانت السجدة تحية لآدم عليه السلام وطاعة لله- عز وجل- فَسَجَدُوا كلهم إِلَّا إِبْلِيسَ. أ،هـ

قال الراغب : الخضوع والخشوع والخنوع والسجود والركوع تتقارب، وبينهما فروق،
فالخضوع ضراعة بالقلب،
والخشوع بالجوارح،
ولذلك قيل: إذا تواضع القلب خشعت الجوارح،
وقال تعالى: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، وقال: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ}، والخشوع ضراعة لمن دونه رغبة في عرض في يده، وكذلك أكثر ما يجئ في الدم،
والركوع تذلل مع التطأطؤ.
والسجود مع خفض الرأس.أ،هـ

قال الثعلبي : سجدة تعظيم وتحية لا سجود صلاة وعبادة، نظيره قوله في قصة يوسف: { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً }وكان ذلك تحيّة الناس، ويعظم بعضهم بعضا، ولم يكن وضع الوجه على الأرض وإنما كان الانحناء والتكبير والتقبيل.
فلما جاء الإسلام بطّل ذلك بالسّلام.أ،هـ

قال الواحدي : وحكى ابن الأنباري عن الفراء وجماعة من الأئمة أن سجود الملائكة لآدم كان تحية ولم يكن عبادة، وكان ذلك سجود تعظيم وتسليم وتحية، لا سجود صلاة وعبادة، وكان ذلك تحية الناس وتعظيم بعضهم بعضا .أ،هـ

قال ابو كندا : هناك قولان ضعيفان ذكرهما المفسرون احببت ان ابين ضعفهما :
القول الاول : هو قولهم ان السجود لله وليس لآدم وانما جعل ادم كالقبلة كما جعلت الكعبة قبلة لصلاة المؤمنين والصلاة لله تعالى.
وهذا ضعيف لأنه لو كان المقصود هذا لقيل: اسجدوا إلى آدم. ولم يقل اسجدوا لآدم.
وايضا اظهار كلمة ( آدم ) في قوله { اسْجُدُوا لآدَمَ } ولم يضمره ، فيه دلالة ان المقصود بالسجود ادم وليس جعله قبلة ، ولو اضمر آدم وقيل اسجدوا له ، لقلنا ربما يقصد ان يكون ادم قبلة .
وايضا لو كان الامر بالسجود لآدم كالقبله فقط لما استكبر ابليس وسجد لله وليس لآدم .

واستشهد اصحاب هذا القول الضعيف بروايتين لابن مسعود والشعبي من دون سند وبحثت عن سندهما ولكني لم اجدهما .
وهذا يضعف هذا القول ايضا .
قال ابن عاشور : وَتَعْدِيَةُ اسْجُدُوا لِاسْمِ آدَمَ بِاللَّامِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُمْ كُلِّفُوا بِالسُّجُودِ لِذَاتِهِ وَهُوَ أَصْلُ دَلَالَةِ لَامِ التَّعْلِيلِ إِذَا عُلِّقَ بِمَادَّةِ السُّجُودِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: { فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } وَقَوْلِهِ: { لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ } وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ السُّجُودَ فِي الْإِسْلَامِ لِغَيْرِ اللَّهِ مُحَرَّمٌ لِأَنَّ هَذَا شَرْعٌ جَدِيدٌ نَسَخَ مَا كَانَ فِي الشَّرَائِعِ الْأُخْرَى.أ،هـ

والقول الثاني : قالوا أي اخضعوا له وأقروا بالفضل له وانه خير واكرم منكم فأقروا بذلك .
ثم استدلوا برواية بالمعنى لأُبي بن كعب من دون سند وبحثت عن سنده فلم اجده ايضا.
وهذا القول ضعيف ، فلو كان الامر بالسجود هو الخضوع والاقرار فقط دون فعل السجود لما علم الملائكة ان ابليس لم يسجد لأن الخضوع والاقرار في القلب ولا احد يطلع على مافي النفوس الا الله .

قال ابن تيمية: قال أهل العلم: السجود كان لآدم بأمر الله وفرضه.
وعلى هذا إجماع كل من يسمع قوله.
فإن الله تعالى قال اسْجُدُوا لِآدَمَ ولم يقل: إلى آدم ، وكل حرف له معنى.
وفرق بين «سجدت له» وبين «سجدت إليه» قال تعالى: { لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ } { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ } ، أجمع المسلمون على أن السجود للأحجار والأشجار والدواب محرّم.
وأما الكعبة، فيقال: كان النبي ﷺ يصلي إلى بيت المقدس، ثم صلى إلى الكعبة، ولا يقال صلى لبيت المقدس، ولا للكعبة. والصواب أن الخضوع بالقلوب، والاعتراف بالعبودية، لا يصلى على الإطلاق إلّا لله سبحانه.
وأما السجود فشريعة من الشرائع يتبع الأمر.
فلو أمرنا سبحانه أن نسجد لأحد من خلقه، لسجدنا طاعة واتباعا لأمره.
فسجود الملائكة لآدم عبادة لله وطاعة وقربة يتقربون بها إليه.
وهو لآدم تشريف وتعظيم وتكريم.
وسجود إخوة يوسف له تحية وسلام.
ولم يأت أن آدم سجد للملائكة.
بل لم يؤمر بالسجود إلا لله رب العالمين.
وبالجملة، أهل السنة قالوا: إنه سجود تعظيم وتكريم وتحية له.
وقالت المعتزلة: كان آدم كالقبلة يسجد إليه، ولم يسجدوا له، قالوا ذلك هربا من أن تكون الآية الكريمة حجة عليهم ، فإن أهل السنة قالوا: إبليس من الملائكة .أ،هـ

—————
١) قال ابو كندا الاسناد مقبول ومقارب للصحيح ، وهو كتاب J

البقرة 34-1

10 الجمعة ديسمبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, الملائكة, التفسير, الحكمة, الحكيم, الخليفة, العليم, جاعل, حاج آدم موسى, سفك الدماء, سورة البقرة, سبحان

القول في تأويل قوله تعالى ذكره: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٣٤) }

قال أبو جعفر: أمّا قوله:”وإذ قلنا” فمعطوف على قوله:”وإذ قال ربّك للملائكة”، كأنه قال جل ذكره لليهود – الذين كانوا بين ظهرانَيْ مُهاجَرِ رسول الله ﷺ من بني إسرائيل، معددًا عليهم نعَمه، ومذكِّرهم آلاءه، على نحو الذي وصفنا فيما مضى قبل-: اذكروا فعلي بكم إذ أنعمت عليكم.
فخلقت لكم ما في الأرض جميعًا، وإذ قلت للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة، فكرمت أباكم آدمَ بما آتيته من عِلمي وفضْلي وكرَامتي، وإذْ أسجدت له ملائكتي فسجدوا له. ثم استثنى من جميعهم إبليس، فدلّ باستثنائه إياه منهم على أنه منهم، وأنه ممن قد أمِر بالسجود معهم . أ،هـ
قال ابو كندا : لماذا لا نقول ان الخطاب للناس اجمعهم وليس مخصصا لليهود ، وان قوله { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } خطاب للناس من باب الاقناع فبعد ان امرهم بعبادته في قوله { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } وبين استحقاقه العبادة ، بين لهم ايضا انه لا يستحق المفر به فهو الذي احياهم وعزهم وشرفهم ؟!!

قال ابو حيان : وَفِي قَوْلِهِ: { قُلْنا } الْتِفَاتٌ .
وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ، إِذْ كَانَ مَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ قَدْ أَخْبَرَ عَنِ اللَّهِ بِصُورَةِ الْغَائِبِ،
ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ، وأتى بـ(نا ) الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التَّعْظِيمِ وعلوّ القدر وَتَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ الْجَمْعِ، لِتَعَدُّدِ صِفَاتِهِ الْحَمِيدَةِ وَمَوَاهِبِهِ الْجَزِيلَةِ.
وَحِكْمَةُ هَذَا الِالْتِفَاتِ وَكَوْنُهُ بِـ(نُونِ ) الْمُعَظِّمِ نَفْسَهُ أَنَّهُ صَدَرَ مِنْهُ الْأَمْرُ لِلْمَلَائِكَةِ بِالسُّجُودِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمْ الِامْتِثَالُ، فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ فِي غَايَةٍ مِنَ التَّعْظِيمِ،
لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ كَذَلِكَ كَانَ أَدْعَى لِامْتِثَالِ الْمَأْمُورِ فِعْلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ بُطْءٍ وَلَا تَأَوُّلٍ ، لِشَغْلِ خَاطِرِهِ بِوُرُودِ مَا صَدَرَ مِنَ الْمُعَظَّمِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ نَظَائِرُ لِهَذَا، منها: { وَقُلْنا يَا آدَمُ اسْكُنْ } ، {وَقُلْنَا اهْبِطُوا } ، { قُلْنا يَا نارُ كُونِي بَرْداً }، { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ } ، { وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ } ، { وَقُلْنا لَهُمْ لَا تَعْدُوا }.
فَأَنْتَ تَرَى هَذَا الْأَمْرَ وَهَذَا النَّهْيَ كَيْفَ تَقَدَّمَهُمَا الْفِعْلُ الْمُسْنَدُ إِلَى الْمُتَكَلِّمِ الْمُعَظِّمِ نَفْسَهُ، لِأَنَّ الْآمِرَ اقْتَضَى الِاسْتِعْلَاءَ عَلَى الْمَأْمُورِ، فَظَهَرَ لِلْمَأْمُورِ بِصِفَةِ الْعَظَمَةِ، وَلَا أَعْظَمَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، أ،هـ

قال ابو كندا : وإظهار لفظ الملائكة هنا دون الإتيان بضميرهم كما في قوله { قالُوا سُبْحانَكَ } [الْبَقَرَة: ٣٢]
دليل ان الامر بالسجود خاص بالملائكة فقط وليس لغيرهم
اظهر الله عز وجل اسم (الملائكة ) حتى لا يظن احدا ان الله عز وجل لما امر الملائكة بالسجود سجدت الملائكة ومن حضر الموقف من غير الملائكة .
فلو ان الله عز وجل اضمر ولم يذكر الملائكة فقال: وإذ قلنا لهم اسجدوا ، لقلنا لمن قال : – ان الامر بالسجود للملائكة ولمن حضر الموقف من غير الملائكة- قد يكون ذلك ، ولكن بعدما اظهر الله عز وجل اسم الملائكة ولم يضمرهم في قوله { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا } سنقول له قولك وظنك مردود عليك ، فالله عز وجل خص الملائكة بالسجود فقط لذلك اظهر اسمهم ولم يضمره.

سورة البقرة 33-3

19 الجمعة نوفمبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, آدم, الملائكة, التفسير, الحكمة, الحكيم, الخليفة, العليم, ابليس, جاعل, سورة البقرة, سبحان

القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣) }
قال ابو كندا قوله { وَأعلم مَا تبدون } اختلف المفسرون في تأويله ، فقال بعضهم : أَي قَوْلكُم: { أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا } .
وقال بعضهم { وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ } من الخضوع والطاعة.

قال ابو كندا كنت سأقول ان الجمع بين القولين يعجبني فكل ما يبدونه الملائكة يعلمه الله الا ان القول الثاني اضطربوا فيه وفي مقصد الخضوع والطاعة واغربوا في ذلك فقالوا الخضوع لـ آدم وبعضهم قال الطاعة لابليس – كما قاله مقاتل – وقال بعضهم قصة مرور ابليس على جسد ادم ، وقال بعضهم خضوعهم لله .
وهذا الاضطراب يضعف هذا القول .
فالقول الاول اعجب الي من القول الثاني خاصة انه ثبت انهم قالوه لله عز وجل وابدوه له .

قال ابو كندا ولو قال رجل ان الذي ابدوه خضوعهم لله عز وجل في قولهم { قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(32)}
لقلت وهذا ايضا يعجبني .
ولو قال رجل ان الذي ابدوه هو { أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا } وهو ايضا { قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(32)}
لقلت هذا الصواب والاصح
لأن كلمة ( تبدون ) مضارع فتدل على التجدد فكل مايبدوه يعلمه الله عز وجل وخصصنا هذين الايتين بالمقصد لأن الله عز وجل اخبرنا انهم ابدوه في هذا الموقف .
وقوله ايضا { وما كنتم تكتمون } دليل على ان المقصود بما ابدوه هما هذان القولان ، لأنهم في القول الاول عندما ابدوا وقالوا { اتجعل فيها } كان مغايرا لما كتموه وهو انهم افضل من ادم فهم الاحق بالخلافة ، والإبداء الثاني قولهم { سبحانك } كان مطابق لما كتموه وهو الخضوع لحكم الله فهو اعلم واحكم .
والله اعلم.

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣) }

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك،
فعن سفيان في قوله:”وأعلم ما تُبدون وما كنتم تكتمون”، قال: ما أسرّ إبليس في نفسه من الكبْر ألا يسجد لآدم . أ،هـ (٣).

قال ابو كندا وقول سفيان هو قول ابن عباس الذي اعتمده الطبري ورواه في تفسيره لكني لا اقبل سند الطبري لذلك سأذكر مارواه ابن ابي حاتم في تفسيره فسنده لرواية ابن عباس مقبول فعَنِ الضَّحّاكِ، قالَ: كانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقُولُ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ لِلْمَلائِكَةِ: ﴿إنِّي أعْلَمُ غَيْبَ السَّمَواتِ والأرْضِ وأعْلَمُ ما تُبْدُونَ وما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ «يَعْنِي ما أسَرَّ إبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الكِبْرِ» (٤)

ثم اورد الطبري القول الثاني بسنده عن الحسن بن دينار، قال للحسن – ونحن جُلوس عنده في منزله-: يا أبا سَعيد، أرأيتَ قول الله للملائكة:”وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون”، ما الذي كتمت الملائكة؟ فقال الحسن: إن الله لمّا خلق آدم رأت الملائكة خلقًا عجيبًا، فكأنهم دَخلهم من ذلك شيء، فأقبل بعضهم إلى بعض، وأسرّوا ذلك بينهم، فقالوا: وما يُهمكم من هذا المخلوق! إن الله لن يخلق خَلقا إلا كنا أكرمَ عليه منه . (٥)

وعن قتادة، في قوله”وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون”، قال: أسرّوا بينهم فقالوا: يخلق الله ما يشاءُ أن يخلُق، فلن يخلُق خلقًا إلا ونحن أكرم عليه منه . أ،هـ (٦)

وايضا عن روى عبدالرزاق في تفسيره بسنده عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: ٣٣] قَالَ: «أَسَرُّوا بَيْنَهُمْ» فَقَالُوا: «يَخْلُقُ اللَّهُ مَا شَاءَ , فَلَنْ يَخْلُقَ خَلْقًا إِلَّا نَحْنُ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ». أ،هـ (٧)

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس، وهو أن معنى قوله:”وأعلم ما تُبدون”، وأعلم – مع علمي غيبَ السموات والأرض – ما تُظهرون بألسنتكم،”وما كنتم تكتمون”، وما كنتم تخفونه في أنفسكم، فلا يخفى عليّ شيء، سواءٌ عندي سرائركم وعلانيتكم.
والذي أظهروه بألسنتهم ما أخبرَ الله جل ثناؤه عنهم أنهم قالوه، وهو قولهم:”أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبِّح بحمدك ونقدس لك”؛ والذي كانوا يكتمونه، ما كان منطويًا عليه إبليس من الخلاف على الله في أمره، والتكبُّر عن طاعته.
لأنه لا خلاف بين جميع أهل التأويل أن تأويل ذلك غيرُ خارج من أحد الوجهين اللذين وصفت، وهو ما قلنا، والآخرُ ما ذكرنا من قول الحسن وقتادة، ومن قال إن معنى ذلك كتمانُ الملائكة بينهم لن يخلق الله خلقًا إلا كنا أكرم عليه منه.
فإذ كان لا قول في تأويل ذلك إلا أحد القولين اللذين وصفت، ثم كان أحدهُما غيرَ موجودةٍ على صحته الدّلالةُ من الوجه الذي يجب التسليم له – صح الوجهُ الآخر.
فالذي حكي عن الحسن وقتادة ومن قال بقولهما في تأويل ذلك، غيرُ موجودةٍ الدلالةُ على صحته من الكتاب، ولا من خبر يجب به حجة.
والذي قاله ابن عباس يدلّ على صحته خبرُ الله جل ثناؤه عن إبليس وعصيانه إياه، إذْ دعاه إلى السجود لآدم فأبى واستكبر، وإظهارُه لسائر الملائكة من معصيته وكبره، ما كان له كاتمًا قبل ذلك.
فإن ظن ظانٌّ أنّ الخبر عن كتمان الملائكة ما كانوا يكتمونه، لمّا كان خارجًا مخرج الخبر عن الجميع، كان غيرَ جائز أن يكون ما رُوي في تأويل ذلك عن ابن عباس – ومن قال بقوله: من أن ذلك خبر عن كتمان إبليس الكبْرَ والمعصية – صحيحًا، فقد ظن غير الصواب.
وذلك أنّ من شأن العرب، إذا أخبرتْ خبرًا عن بعض جماعة بغير تسمية شخص بعينه، أن تخرج الخبر عنه مخرج الخبر عن جميعهم، وذلك كقولهم:”قُتل الجيش وهُزموا”، وإنما قتل الواحد أو البعض منهم، وهزم الواحد أو البعض.
فتخرج الخبر عن المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم، كما قال جل ثناؤه: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [سورة الحجرات: ٤] ، ذُكر أن الذي نادَى رسولَ الله ﷺ – فنزلت هذه الآية فيه – كان رجلا من جماعة بني تميم، كانوا قدموا على رسول الله ﷺ فأخرج الخبر عنه مُخرج الخبر عن الجماعة. فكذلك قوله:”وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون”، أخرج الخبر مُخرج الخبر عن الجميع، والمراد به الواحد منهم.

قال ابو كندا وترجيح الطبري هذا لا يعجبني ، لان كلمة ( كنتم ) في قوله { وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } دليل على ان ما كتموه قد مضى وتغير ، ولو كان يقصد ابليس لما قال ( كنتم ) لانه لم يغير مافي قلبه والدليل انه لم يسجد ، ولو كان الله عز وجل يقصد ابليس لقال ( ما تبدون وما تكتمون ) من دون ( كنتم ) كما قالها عز وجل في سورة اخرى ويقصد بها الناس عامة { مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ(99) } وقوله { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)}
وايضا كلمة (تكتمون) اتت بصيغة المضارع وهو يفيد التجدد اي ان الكتمان تجدد ذلك منهم ولم يبقى على حاله مثل كتمان ابليس .

واما ما كتمه ابليس فالله اعلمنا انه يعلمه بقوله { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ}
ثم ان ظاهر الكلام للجماعة وليس للفرد والموقف الذي حكى عنه الله عز وجل لم يتغير وفيه كان يخاطب جماعة من الملائكة فلماذا نصرف ظاهر الكلام الى الخطاب عن واحد فقط، فلا ينبغي ان صرف الكلام عن ظاهرة الا ببينة يستحيل فيها مخاطبة الجماعة او يقصدهم بها.

——-
١) قال ابو كندا الرواية صحيحة .
٢) قال ابو كندا رواية مقبولة .
٣) قال ابو كندا الرواية مقبولة.
٤) قال ابو كندا الرواية اقبلها .
٥) قال ابو كندا الرواية مقبوله ، لأن مهدي بن ميمون حضر السؤال ولم يسمعه من الحسن بن دينار .
٦) قل ابو كندا روايته مقبوله .
٧) قال ابو كندا الرواية اقبلها .

تفسير اية 33 من سورة البقرة -2

12 الجمعة نوفمبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ 2 تعليقان

الوسوم

قدوس, نقدس, آدم, الملائكة, التفسير, الحكمة, الحكيم, الخليفة, العليم, ابليس, جاعل, سورة البقرة, سبحان

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ}

قال الطبري : “فلما أنبأهم” يقول: فلما أخبر آدمُ الملائكةَ بأسماء الذين عرضهم عليهم، فلم يَعرفوا أسماءهم، وأيقنوا خَطأ قيلهم: “أتجعلُ فيها من يُفسد فيها ويَسفك الدماءَ ونحن نسبِّح بحمدك ونقدس لك”، وأنهم قَد هَفوْا في ذلك وقالوا ما لا يعلمون كيفية وقوع قضاء ربهم في ذلك لو وقع، على ما نطقوا به، –
قال لهم ربهم:”ألم أقلْ لكُم إنّي أعلمُ غَيبَ السموات والأرض”.
والغيب: هو ما غاب عن أبصارهم فلم يعاينوه؛ توبيخًا من الله جل ثناؤه لهم بذلك، على ما سلف من قيلهم، وَفرَط منهم من خطأ مَسألتهم.أ،هـ
وروى الطبري بسنده عن ابن زيد في قصة الملائكة وآدم: فقال الله للملائكة: كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علم، إنما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها، هذا عندي قد علمتُه، فكذلك أخفيتُ عنكم أني أجعل فيها من يعصيني ومن يُطيعني، قال: وَسبقَ من الله: (لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) [سورة هود: ١١٩، وسورة السجدة: ١٣] ، قال: ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه. قال: فلما رأوْا ما أعطى الله آدمَ من العلم أقروا لآدم بالفضل (٢)

قال ابن عطية : وقوله تعالى: أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ معناه: ما غاب عنكم، لأن الله لا غيب عنده من معلوماته وما في موضع نصب «بأعلم» .أ،هـ
قال الرازي : معناه أنا الَّذِي أَعْرِفُ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ وَالْوَاقِعَ وَالْمُتَوَقَّعَ .
قال ابو كندا ومن الغيب ماكان وما سيكون .

قال الراغب : إن قيل: ما وجه قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وهل كان لهم في ذلك التشكك حتى احتاجوا إلى أن يقال لهم ذلك؟
قيل له: ليس مخرج هذا الكلام على الوجه الذي توهمته، بل هو تنبيه لهم بما عملوه مجملاً على ما اشتبه عليهم مفصلاً، وتقدير ذلك: كأنه قيل: {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ومن علم غيب السماوات والأرض علم ما تبدون وما تكتمون.
ومن علم ذلك علم ما لا تعلمون.أ،هـ

قال الجرجاني : فإن قيل: ثم متى قال لهم: {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} قلنا: هذا الإطناب في إيجاز قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ} [البقرة:٣٠].
{غَيْبَ السَّماواتِ:} مكنوناتها.

قال الشعراوي : أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إني أَعْلَمُ غَيْبَ السماوات والأرض} أي أن الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعلم الغيب.
والغيب هنا هو الغيب المطلق. فهناك غيب نسبي. قد تسرق حافظة نقودي مثلا وأنا لا أعلم من الذي سرقها فهو غيب عني. ولكنه معلوم للذي سرق، وللذي سهل له طريقة السرقة بأن حرس له الطريق حتى يسرق دون أن يفاجئه أحد. وقد يكون قد صدر قرار هام بالنسبة لي كترقية أو فصل أو حكم. لم يصلني. فأنا لا أعلمه. ولكن الذي وقع القرار أو الحكم يعلمه.
هذا الغيب النسبي. لا يعتبر غيبا. ولكن الغيب المطلق هو الذي ليس له مقدمات تنبئ عما سيحدث. . هذا الغيب الذي يفاجئك. ويفاجئ كل من حولك بلا مقدمات. . هذا الغيب لا يعلمه إلا الله وحده.

—————
2] قال ابو كندا رواية مقبولة .

تفسير اية 33 من سورة البقرة

06 السبت نوفمبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, آدم, الملائكة, التفسير, الحكمة, الحكيم, الخليفة, العليم, ابليس, جاعل, سورة البقرة, سبحان

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ(33))

قال أبو جعفر: إن الله جل ثناؤه عَرّف ملائكته – الذين سألوه أن يجعلهم الخلفاء في الأرض، ووصَفوا أنفسهم بطاعته والخضوع لأمره، دونَ غيرهم الذين يُفسدون فيها ويسفكون الدماء –
أنهم، من الجهل بمواقع تدبيره ومحلّ قَضَائه، قَبل إطلاعه إياهم عليه، على نحو جهلهم بأسماء الذين عَرَضهم عليهم، إذ كان ذلك مما لم يعلمهم فيعلموه، وأنهم وغيرهم من العباد لا يعلمون من العلم إلا ما علَّمهم إياه ربهم،
وأنّه يخص بما شاء من العلم من شاء من الخلق، ويمنعه منهم من شاء، كما علم آدم أسماء ما عرض على الملائكة، ومنعهم علمها إلا بعد تعليمه إياهم.
فأما تأويل قوله:”قال يا آدم أنبئهم”، يقول: أخبر الملائكةَ، والهاء والميم في قوله:”أنبئهم” عائدتان على الملائكة.
وقوله:”بأسمائهم” يعني بأسماء الذين عَرَضهم على الملائكة، والهاء والميم اللتان في”أسمائهم” كناية عن ذكر “هؤلاء” التي في قوله:”أنبئوني بأسماء هؤلاء”.أ،هـ

وروى ابن ابي حاتم بسنده عَنْ مُجَاهِدٍ: فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ أَنْبَأَ آدَمُ الْمَلائِكَةَ بِأَسْمَائِهِمْ، أَسْمَاءِ أَصْحَابِ الأَسْمَاءِ. (١)

قال ابن الجوزي : قوله تعالى: قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ، وفي الهاء والميم من «أسمائهم» قولان:
أحدهما: أنها تعود على المخلوقات التي عرضها، قاله الأكثرون. والثاني: أنها تعود على الملائكة، قاله الربيع بن أنس.أ،هـ

قال ابو كندا وقد بينت من قبل ان المقصود بهم الملائكة المخاطبون بقوله {اني جاعل في الارض خليفة } فلماذا لا يكون المقصود بقوله ” بأسمائهم” هم نفسهم لأن الضمير عائد اليهم وهو ظاهر الكلام .
الجواب لأن الله قال { أَنْبِئْهُمْ } وهذه الكلمة تدل على الإخبار عن شي خفي واسمائهم انفسهم ليست خفية عليهم ولكن اسماء باقي الملائكة واعمالهم تخفى عليهم .
قال مكي : والهاء في ” أنبِئهم ” وفي ” بأسمائهم “، وفي ” أنبأهم ” وفي ” بأسمائهم ” كلها تعود على الملائكة على قول من قال: إن الله تعالى علمه أسماء الملائكة، ويعود على الأشخاص على القول الآخر.أ،هـ

قال ابو السعود : وإظهارُ الأسماءِ في موقع الإضمارِ لإظهار كمالِ العنايةِ بشأنها والإيذانِ بأنه عليه السلام أنبأهم بها على وجه التفصيلِ دون الإجمالِ والمعنى فأنبأهم بأسمائهم مفصّلةً وبيّن لهم أحوالَ كلَ منهم وخواصَّه وأحكامَه المتعلقة بالمعاش والمعاد فعلِموا ذلك لمّا رأَوْا أنه عليه السلام لم يتلعثم في شئ من التفاصيل التي ذكرها مع مساعدة ما بين الأسماءِ والمسميات من المناسبات والمشاكلات وغيرِ ذلك من القرائن الموجبةِ لصدق مقالاتِه عليه السلام. أ،هـ

قال ابن حيان : فَالْمَلَائِكَةُ أَمَّا أَنْ عَلِمُوا وَضْعَ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ للمسميات فلا مزية أو لا، فَكَيْفَ عَلِمُوا إِصَابَتَهُ فِي ذَلِكَ؟ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ لُغَةً، ثُمَّ حَضَرَ جَمِيعُهُمْ فَعَرَفَ كُلُّ صِنْفٍ إِصَابَتَهُ فِي تِلْكَ اللُّغَةِ، إِلَّا أَنَّهُمْ بِأُسَرِهِمْ عَجَزُوا عَنْ مَعْرِفَتِهَا بِأَسْرِهَا.
الثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ عَرَّفَهُمُ الدَّلِيلَ عَلَى صِدْقِهِ، وَلِمَ لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْكَرَامَاتِ أَوْ مِنْ بَابِ الْإِرْهَاصِ. أ،هـ

قال ابن عاشور : وَابْتِدَاءُ خِطَابِ آدَمَ بِنِدَائِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ بَعِيدٍ عَنْ سَمَاعِ الْأَمْرِ الْإِلَهِيِّ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِ آدَمَ وَإِظْهَارِ اسْمِهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى حَتَّى ينَال بذلك حُسْنَ السُّمْعَةِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّكْرِيمِ عِنْدَ الْآمِرِ لِأَنَّ شَأْنَ الْآمِرِ وَالْمُخَاطِبِ- بِالْكَسْرِ- إِذَا تَلَطَّفَ مَعَ الْمُخَاطَبِ- بِالْفَتْحِ- أَنْ يَذْكُرَ اسْمَهُ وَلَا يَقْتَصِرَ عَلَى ضَمِيرِ الْخِطَابِ حَتَّى لَا يُسَاوِيَ بِخِطَابِهِ كُلَّ خِطَابٍ، وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ بَعْدَ ذِكْرِ سُجُودِ النَّبِيءِ وَحَمْدِهِ اللَّهَ بِمَحَامِدَ يُلْهِمُهُ إِيَّاهَا
فَيَقُولُ: «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ سَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ»
وَهَذِهِ نُكْتَةُ ذِكْرِ الِاسْمِ حَتَّى فِي أَثْنَاءِ الْمُخَاطَبَةِ كَمَا قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَفَاطِمُ مَهْلًا بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّلِ.

قال الواحدي : قوله تعالى: {قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ}. قال المفسرون: لما ظهر عجز الملائكة، قال الله عز وجل: {يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} فسمى كل شيء باسمه، وألحق كل شيء بجنسه {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} أي: أخبرهم بتسمياتهم قال: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} .
وفي الآية اختصار، معناه: فلما أنبأهم بأسمائهم، تحقق عندهم أن الله يعلم من العواقب ما لا يعلمون، فلما علموا ذلك، قال الله: {أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} و (لم) حرف نفي وصل بألف الاستفهام، فصار بمعنى الإيجاب والتقرير ، كقول جرير:
أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطَايَا
وفيه أيضًا معنى التوبيخ لهم على ما سلف من خطاهم .أ،هـ

قال ابن عاشور : وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى عِلْمَ آدَمَ بِالْأَسْمَاءِ وَعَجْزَ الْمَلَائِكَةِ عَنْ ذَلِكَ عَلَامَةً عَلَى أَهْلِيَّةِ النَّوْعِ الْبَشَرِيَ لِخِلَافَتِهِ فِي الْأَرْضِ دُونَ الْمَلَائِكَةِ .أ،هـ
—————
١) قال ابو كندا الرواية صحيحة .

البقرة 31-32 / 5

05 الجمعة نوفمبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, آدم, الملائكة, التفسير, الحكمة, الحكيم, الخليفة, العليم, ابليس, جاعل, سورة البقرة, سبحان

القول في تأويل قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}

ذكر ابن ابي حاتم في تفسيره
عَنِ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: قَوْلُهُ: الْحَكِيمُ قال: حكيم في أمره.(4)

قال أبو جعفر: وتأويل ذلك: أنك أنت يَا ربنا العليمُ من غير تعليم بجميع ما قد كان وما وهو كائن، والعالم للغيوب دون جميع خلقك.
وذلك أنّهم نَفَوْا عن أنفسهم بقولهم:”لا علمٌ لنا إلا ما علَّمتنا”، أن يكون لهم علم إلا ما علمهم ربهم، وأثبتوا ما نَفَوْا عن أنفسهم من ذلك لربهم بقولهم:”إنك أنتَ العليم”
يعنون بذلك العالم من غير تعليم، إذ كان مَنْ سوَاك لا يعلم شيئًا إلا بتعليم غيره إياه.
والحكيم: هو ذو الحكمة.أ،هـ
وقال السمرقندي : الحكيم في أمرك، إذا حكمت أن تجعل في الأرض خليفة غيرنا.أ،هـ
قال الثعلبي : وأصل الحكمة في كلام العرب: المنع. يقال: أحكمت اليتيم عن الفساد وحكمته، أي منعته.
قال جرير:
أبني حنيفة احكموا سفهاءكم … إني أخاف عليكم أن أغضبا
ويقال للحديدة المعترضة في فم الدابة: حكمة لأنها تمنع الدابة من الاعوجاج، والحكمة تمنع من الباطل، ومالا يجمل فلا يحلّ في المحكم من الأمر بمنعه من الخلل .أ،هـ

وقال الأصمعي: أصل الحكومة: رَدُّ الرجل عن الظلم، ومنه سُمِّيت حَكَمَةُ اللجام، لأنها تَرَدُّ الدابة. أ،هـ
وقال الأزهري: والعرب تقول: حَكَمْتُ وأَحْكَمْتُ وحَكَّمْتُ بمعنى: رَدَدْتُ ومَنَعْتُ، ومن هذا قيل للحاكم: حاكم، لأنه يمنع الظالم من الظلم.
وقال جرير:
أَبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ
يقول: امنعوهم من التعرض .
وروي عن النخعي أنه قال: حَكِّم اليَتِيم كما تُحَكَم ولدك.
قال أبو عبيد: يقول: امنعه من الفساد، قال: وكل من منعته من شيء فقد حَكّمْتَه وأَحْكَمْتَه، وأنشد بيت جرير.
قال الواحدي : والحِكْمَة: هي العلم الذي يمنع صاحبه من الجهل، والحاكم الذي يمنع من الجور، وكل عمل مُحَكَم فقد منع من الفساد .أ،هـ
وقال ايضا: في قول الله عز وجل { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا }
والحكم عند العرب: ما يمنع من الجهل والخطأ ويصرف عنهما .أ،هـ
قال الراغب : والحكيم أصله لمن له الفعل المحكم، لكن لما يصح حصول الفعل المحكم إلا بالعلم المتقن صارت الحكمة متناولة للعلم والعمل معاً.
قال الحلبي : والحُكْم لغةً: الإِتقانُ والمَنْع من الخروجِ عن الإِرادة، ومنه حَكَمَةُ الدابَّة
قال ابو كندا : وبعد ماذكرنا يتبين لنا ان الحكمة هي وضع الشي موضعه للمنع، – سواء كان ذلك المنع هو منع الفساد او منع الشر او منع للاصلاح او منع الخروج عن الارادة.
والحكمة فعل متعدي للغير ، فلا ينطبق الا على الغير ، اما منع النفس فيسمى العقل.
وكلاهما لا يكتسبان الا بالعلم.

#

4] اخرجه ابن ابي حاتم ، قال ابو كندا الرواية مقبولة

البقرة 31-32 /3

29 الجمعة أكتوبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, آدم, الملائكة, التفسير, الخليفة, ابليس, جاعل, سفك الدماء, سورة البقرة, سبحان

القول في تأويل {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)}


قوله ( أنبؤني )
قال ابو كندا : كلمة ( نبأ) تدل على الخبر عن شي خفي – غيبي او سر متكتم عنه او غير ذلك من الامور الخفية- ،
فالنبي سمي نبي لأنه ينبأ عن الله وهو شيء خفي فإذا نبأنا عنه اصبح لنا خبر ظاهر ، قال الله تعالى { وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3))
وقال الله عز وجل { وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36))
وقال تعالى { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَـزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64))

واما الراغب فقد قال في تفسيره: الإنباء: إخبار فيه إعلام، وهو متضمن لهما ولذلك كل إنباء أخبار، وليس كل إخبار إنباء.
قال ابو كندا كل الاخبار اعلام ، وليس هناك خبر ليس اعلام
وقال شيخي الذي اقرأ عليه تفسير الطبري ، ان المالكية اجمعوا على ان النبأ هو الخبر المهم ، وقد طلبت منه المصدر وواعدني به .

قال ابو كندا: فالفرق بين ( الخبر ، والنبأ ، والأذن ) كلها تدل على الاعلام،
اما الخبر فعن شيء ظاهر.
واما النبأ عن شيء خفي .
والاذن لا يكون الا من صاحب الحق بالقبول.
وقد كنت فسرت معنى الاذن بالاعلام يقتضي الوجوب وقد أخطأت في ذلك .
والدليل على ان انبئ تختلف عن اخبر قول الله عز وجل { {قَدْ نَبَّأَنَا الله مِنْ أَخْبَارِكُمْ}
فإذا قال لي قائل : إذن، فالشيء الذي يخفى على الملائكة هي ذرية ادم .
قلت معك حق ان اسماء ذرية ادم مخفية عن الملائكة ، ولكن لو تأملت الاية لا تجد فيها ذكر لذرية ادم ، فالموقف لم تحضره ذرية ادم.
أما الملائكة فهم كثر لا يحصيهم الا الله، فلا يعلم بعضهم اسماء بعض واعمال بعض لذلك يخفى عليهم الكثير من الملائكة ،

فأنت الان لو أُتي لك برجل من القطب الشمالي لا تعرفه وقيل لك انبئنا باسمه لن تسطيع ان تنبئنا باسمه مع انه من بني ادم.

وسؤال الله عز وجل للملائكة عن اسماء الملائكة هو ابلغ في المثال ، فكما انكم لا تعلمون ابناء جلدتكم وجنسكم وهو حاصل لكم فعلمكم ناقص ،
اما آدم فهو يعلم اسمائكم كلكم ومن باب اولى يعلم اسماء ذريته بل هو يعلم اسماء كل شيء بتعليمي اياه، فهو اصلح ان يكون خليفة في الارض .
ولو كان السؤال عن ذرية ادم فقط، لكان للملائكة مخرجا وعذرا ، فهم لم يدعوا علم الغيب .


القول في تأويل قوله جل ذكره: { فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ }

قال أبو جعفر:
عن مجاهد في قول الله: ” بأسماء هؤلاء ” ، قال: بأسماء هذه التي حدَّثتُ بها آدمَ.[١]
وعن مجاهد: ” أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ” يقول: بأسماء هؤلاء التي حَدّثت بها آدم. [٢]
وقال ابن ابي حاتم :
عَنْ مُجَاهِدٍ فَقَالَُ: أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بِأَسْمَاءِ هَذِهِ الَّتِي حَدَّثَ بِهَا آدَمَ.[٣]

قال ابو كندا : وكلمة { هؤُلاءِ } تدل على ضعف قول مجاهد ، فـ( هؤلاء ) تدل على اشخاص عقلاء .

قال ابن عطية :
قوله تعالى: { هؤُلاءِ } ظاهره حضور أشخاص، وذلك عند العرض على الملائكة.
قال ابو كندا اي عرض المسميات ، فهذه ايضا قرينة على ان الأشخاص هم الملائكة فقط ، لأن الله عز وجل لم يذكر لنا في القصة من اشخاص الا ادم والملائكة الذي منهم ابليس، ولم يذكر غيرهم .
وهذا كله يرجح القول الذي يعجبني ، وهو ان الاسماء التي سأل عنها الملائكة هي اسماء الملائكة الاخرين ،
وكأن الله عز وجل يقول لهم اذا انتم لم تعلموا ظاهرهم فكيف تعلمون باطنهم.

واما من يقول ان الذين عرضوا هم ذرية بني ادم ، فلا يعجبني هذا القول ، لأن الملائكة لم يدعوا علم كل شي ، وانما اقروا بعلم احوال كل الملائكة فقالوا { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ }
فكان الرد اخبروني باسماء هؤلاء الملائكة الذين حكيتم عنهم بعلمكم عن ظاهرهم وباطنهم .
من باب { فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ }


القول في تأويل قوله جل ذكره {إِن كُنْتُمْ صادقين}.
قال ابن جرير
عن الحسن قال “أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين” أني لم أخلق خلقًا إلا كنتم أعلمَ منه، فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين . [٤]
قال ابن ابي حاتم
عن مُجَاهِدٍ فَقَالَُ: أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بِأَسْمَاءِ هَذِهِ الَّتِي حَدَّثَ بِهَا آدَمَ. [٥]

قال ابن جرير
ومعنى ذلك: فقال أنبئوني بأسماء من عرضتُه عليكم أيتها الملائكة –
القائلون: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء من غيرنا، أم منا؟
فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟
إن كنتم صادقين في قيلكم أني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عَصَاني ذريته وأفسدوا فيها وسفكوا الدماء،
وإن جعلتكم فيها أطعتموني، واتّبعتم أمري بالتعظيم لي والتقديس.
فإنكم إن كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضتُهم عليكم من خلقي، وهم مخلوقون موجودون ترونهم وتعاينونهم، وعَلِمه غيركم بتعليمي إيّاه؛ فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد بَعدُ، أحرى أن تكونوا غير عالمين،
فلا تسألوني ما ليس لكم به علم، فإني أعلم بما يصلحكم ويصلح خلقي.
وهذا الفعل من الله جل ثناؤه بملائكته – الذين قالوا له:”أتجعل فيها من يفسد فيها”، من جهة عتابه جل ذكره إياهم – نظيرُ قوله جل جلاله لنبيه نوح صلوات الله عليه إذ قال: (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ) [سورة هود: ٤٥]-: لا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين .
فكذلك الملائكة سألت ربها أن تكون خُلفاءه في الأرض ليسبّحوه ويقدسوه فيها، إذ كان ذرية من أخبرهم أنه جاعلُه في الأرض خليفةً، يفسدون فيها ويسفكون الدماء، فقال لهم جل ذكره:”إني أعلم ما لا تعلمون”.
ثم عرّفهم موضع هَفوتهم في قيلهم ما قالوا من ذلك، بتعريفهم قصور علمهم عما هم له شاهدون عيانًا، – فكيف بما لم يروه ولم يُخبَروا عنه؟ – بعرَضه ما عرض عليهم من خلقه الموجودين يومئذ،
وقيله لهم:”أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين” أنكم إن استخلفتكم في أرضي سبّحتموني وقدستموني، وإن استخلفت فيها غيرَكم عَصَاني ذُريته وأفسدوا وسفكوا الدماء.
فلما اتضح لهم موضع خطأ قيلهم، وبدت لهم هَفوة زَلتهم، أنابوا إلى الله بالتوبة فقالوا:”سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا”، فسارعوا الرجعة من الهفوة، وبادروا الإنابة من الزلة، كما قال نوح – حين عوتب في مَسئلته فقيل له: لا تسأَلْنِ ما ليس لك به علم -: (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [سورة هود: ٤٧] . وكذلك فعلُ كل مسدَّد للحق موفَّق له – سريعة إلى الحق إنابته، قريبة إليه أوْبته.أ،هـ

قال الثعلبي : فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ إنّ الخليفة الذي أجعله في الأرض يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ. أراد الله تعالى بذلك: كيف تدّعون علم ما لم يكن بعد، وأنتم لا تعلمون ما ترون وتعاينون.

وقال مكي : قوله: {إِن كُنْتُمْ صادقين}.
جوابه عند (المبرد) محذوف، معناه: إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء فأنبئوني.

قال ابو كندا اعلم ان هؤلاء المفسرين اعلم مني وما انا الا قزم في طول علمهم، وهم بلا شك اقرب للغة العرب مننا جميعا .
وبما انني باحث فيتحتم علي ان اقول ماتوصلت اليه فإن كان صوابا فمن الله ، وان كان خطأ فقولوا مجنون وزدجر.
وما توصلت اليه هو:
ان كلمة صدق تعني عند العرب قول وافق الحقيقة .
فيكون المعنى : ان كان قولكم يوافق الحقيقة.
والحقيقة لا تكون حقيقة الا اذا وقعت .
ولو تأملت القران لوجدت ان كلمة صدق لا تأتي الا في شيء تم وقوعه او طلب ان يتم وقوعه حتى يتبين صدقهم .
واليك بعض هذه الايات
قال الله عز وجل { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ(15) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(17) }
قال عز وجل { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) }
وقال الله تعالى { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَـزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(23) }
وقال تعالى { وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَـزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(23) }

فإذا قال الله عز وجل { إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فهذا يعني ان الله عز وجل يطلب منهم اثبات صدقهم وهو وقوع الحقيقة .
فالعرب لا تقول عن العلم بالغيبيات صدقا ، الا اذا وقعت، او اخبر الله عز وجل به نبيه.
أما اذا لم يخبر بها الله عز وجل فهي علم لا تكون صدقا حتى تقع.
لذلك لما اخبرنا عبد الله بن مسعود عن امر غيبي ذكره الرسول ﷺ لنا وهو حديث يجمع احدكم خلقة في بطن امه … ” ولأن هذا الامر الغيبي لن نرى وقوعة مشاهدة او حسا مع انه يقع – مثل الملك الذي يكتب عمله ورزقه – ، علق ابن مسعود بقوله : وهو الصادق المصدوق ،
كما ذكر البخاري في صحيحه عن عبد الله : حدثنا رسول اللهﷺوهو الصادق المصدوق، قال : ” إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له : اكتب عمله ورزقه وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع، فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة “.

إذن، ماهو الامر الذي اراده الله عز وجل منهم تحقيقه في ذاك الموقف؟ حتى يتبين صدقهم.
بلا شك ان تحقيق وقوع الفساد في الارض وسفك الدماء لن يتم في ذاك الوقت ابدا ، لأن الله عز وجل اخبرهم بانه سيتم من ذرية ادم في الارض وليس في السماء ، وايضا هذا الخبر اخبرهم به الله عز وجل وهو حقيقة .
لذلك لو قلنا ان الملائكة قاسوا الفساد وسفك الدماء على فعل الجن لتحولت المسئلة الى اثبات العلم وليس اثبات الصدق .
والملائكة مقرون بعلم الله عز وجل.

فلم يبقى لنا الا قولهم { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ }
وبما ان الله عز وجل اخبرنا بأن الملائكة يسبحون بحمده في سورة الشورى { وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ }
اذن ، لم يبقى الا التقديس له ، والتقديس كما ذكرنا من قبل هي الطهارة من الظاهر والباطن .
وقد علما الله عز وجل ان ابليس لم يقدس له في الباطن، – وابليس جعله الله عز وجل من الملائكة –
قال ابن عطية وقال آخرون: صادِقِينَ في أني إن استخلفتكم سبحتم بحمدي وقدستم لي.
قال ابوكندا وانا مع هؤلاء الاخرين فمعنى الاية اذا كنتم لا تعلمون الظاهر وهو اسماء الملائكة فكيف تعلمون باطن كل هؤلاء الملائكة وحكمتم لهم بالتقديس لله.
لذلك تدارك الملائكة هذا فقالوا { سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ }

ولو كان السؤال عن ذرية ادم لم يقولوا سبحانك لأنه علم جديد معذورون بجهله ولم يََّدعوا علم به.


[١] قال ابو كندا الرواية الاولى صحيحة والثانية مقبولة
[٢] قال ابو كندا الرواية مقبولة
[٣] قال ابو كندا الرواية مقبولة
[٤] قال ابو كندا رواية السند الاول :مبارك بن فضالة وحسن بن يسار اقبلها وكتابهم مقبول ، واما رواية ابي بكر الهذلي لا اقبلها فهو كذاب ، وكتابه لا اقبله ، فإن كان المتن طويل لا استطيع قبوله لانه اختلط بين الروايتين كسند السدي في سورة البقرة .
[٥] قال ابو كندا الرواية مقبولة

البقرة 31-32/ 1 بعد التعديل والمعتمد

26 الثلاثاء أكتوبر 2021

Posted by ماجد العريفي in Uncategorized

≈ أضف تعليق

الوسوم

قدوس, نقدس, آدم, الملائكة, التفسير, الخليفة, ابليس, جاعل, سورة البقرة, سبحان

القول في تأويل {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)}


القول في تأويل قوله تعالى ذكره:(وَعَلَّمَ آدَمَ)

قال ابو كندا وقوله { وَعَلَّمَ } ولم يقول ( اخبر) او (ذكر) دليل على ان الله سبحانه وتعالى علمه الاسماء واسباب تسميتها ومهماتها وصفاتها وخواصها واحوالها.

القول في تأويل قوله تعالى ذكره:(وَعَلَّمَ آدَمَ)

قال ابن جرير : وقد روى عن رسول الله ﷺ خبرٌ يحقق ما قال مَن حكينا قوله في معنى آدم.
عَنْ أبي موسى، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : ” إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، جَاءَ مِنْهُمُ الْأَبْيَضُ وَالْأَحْمَرُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ وَبَيْنَ ذَلِكَ . [١]
عن سعيد بن جُبير، قال: خُلق آدم من أديم الأرض، فسمِّي آدم. (2)
عن سعيد بن جبير، قال: إنما سمي آدمَ لأنه خلق من أديم الأرض .(3)

قال الطبري : فعلى التأويل الذي تأول”آدم” من تأوله، بمعنى أنه خُلق من أديم الأرض، يجب أن يكون أصْل”آدم” فعلا سُمي به أبو البشر، كما سمي”أحمد” بالفعل من الإحماد، و”أسعد” من الإسعاد، فلذلك لم يُجَرَّ.
ويكون تأويله حينئذ: آدمَ المَلكُ الأرضَ، يعني به بلغ أدمتها -وأدَمتها: وجهها الظاهر لرأي العين، كما أنّ جلدة كل ذي جلدة له أدَمة.
ومن ذلك سُمي الإدام إدَامًا، لأنه صار كالجلدة العليا مما هي منه- ثم نقل من الفعل فجعل اسمًا للشخص بعينه.ا،هـ
قال ابو كندا : قول الطبري ( آدم الملك الارض )لم افهمه ، ولم افهم كيف توصل الى ذلك .
وقال مكي بن ابي طالب (ت ٤٣٧) الهداية الى بلوغ النهاية ” وذكر النحاس أنه أفعل من أديم الأرض وأدمتها، وهو ظاهر وجهها، ومنه سمي الإدام لأنه وجه الطعام وأعلاه والعرب تسمي الجلد الظاهر أدمة، والباطن بشرة”. أ،هـ


القول في تأويل قوله تعالى: {الأَسْمَاءَ كُلَّهَا}
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الأسماء التي علمها آدمَ ثم عَرضها على الملائكة.

  • فعن مجاهد قال: علمه اسم كل شيء. [4]

وقال : عَلَّمَهُ كُلَّ دَابَّةٍ وَكُلَّ طَيْرٍ وَكُلَّ شَيْءٍ. [5]
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: عَلَّمَهُ اسْمَ الصفحة وَالْقِدْرِ، قَالَ: نَعَمْ حَتَّى الْفَسْوَةَ وَالْفُسَيَّةَ.[6]

  • وعن قتادة قال: علمه اسم كل شيء، هذا جبل، وهذا بحر، وهذا كذا وهذا كذا، لكل شيء.[7]
  • وعَنْ حُمَيْدٍ الشَّامِيِّ قَالَ: عَلَّمَ آدَمَ النُّجُومَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَعْنِي أَسْمَاءَ النُّجُومِ. [8]

ثم قال ابن جرير : وقال آخرون: إنما علمه أسماء ذريته كلها.
عن ابن زيد قال: أسماء ذريته أجمعين. [9]

  • وقال آخرون: علم آدم الأسماء كلها، أسماء الملائكة”
    قال ابو كندا ولم يورد فيه ابن جرير الا رواية عن الربيع لا اقبلها ، وهي عن الربيع قوله:”وعلم آدمَ الأسماء كلها”، قال: أسماء الملائكة.

قال ابن جرير : وأوْلَى هذه الأقوال بالصواب، وأشبهها بما دل على صحته ظاهرُ التلاوة، قول من قال في قوله:”وعلم آدم الأسماء كلها” إنها أسماءُ ذرِّيَّته وأسماءُ الملائكة، دون أسماء سائر أجناس الخلق.
وذلك أن الله جلّ ثناؤه قال:”ثمّ عرَضهم على الملائكة”، يعني بذلك أعيانَ المسمَّين بالأسماء التي علمها آدم.
ولا تكادُ العرب تكني بـ(الهاء والميم ) إلا عن أسماء بني آدم والملائكة.
وأمّا إذا كانت عن أسماء البهائم وسائر الخلق سوَى من وصفناها، فإنها تكني عنها بـ(الهاء والألف ) أو بـ(الهاء والنون)، فقالت:”عرضهن” أو”عرضها”، وكذلك تفعل إذا كنَتْ عن أصناف من الخلق كالبهائم والطير وسائر أصناف الأمم وفيها أسماءُ بني آدم والملائكة، فإنها تكنى عنها بما وصفنا من الهاء والنون أو الهاء والألف.
وربما كنَتْ عنها، إذا كان كذلك بالهاء والميم، كما قال جل ثناؤه: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ) [سورة النور: ٤٥] ، فكنى عنها بالهاء والميم، وهي أصناف مختلفة فيها الآدمي وغيره.
وذلك، وإن كان جائزًا، فإن الغالب المستفيض في كلام العرب ما وَصفنا، من إخراجهم كنايةَ أسماء أجناس الأمم – إذا اختلطت – بـ(الهاء والألف) أو (الهاء والنون) .
فلذلك قلتُ: أولى بتأويل الآية أن تكون الأسماء التي علَّمها آدمَ أسماء أعيان بني آدم وأسماء الملائكة”. أ،هـ
قال ابو كندا بلا شك ان ابن جرير اعلم مني وافهم لذلك سأطرح سؤال واقول :
قال الله عز وجل { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا } وظاهر هذا الكلام يدل ان الله عز وجل اراد العموم ، ولو اراد الخصوص لم يقل { كلها} او لقال اسماءهم كلهم .
وهذا ما ايدته الروايات الصحيحة عن مجاهد وقتادة وابن عباس.
وعن الرسول ﷺ نفسه ، فعَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : ” يَجْتَمِعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ : لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ : أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ ” [10]

واما ماصح من رواية ابن زيد انه قال أسماء ذريته أجمعين. فأسماء ذريته داخله في اسماء كل شي، فهو من باب ذكر مثال لتفسير المعنى .
فلماذا لم يأخذ ابن جرير بظاهر الكلام الذي اخبر به النبي ﷺ وأيده السلف؟؟؟
ويكون عِلمُ ادم في الاسماء كلها معجزة له .
قد يقول قائل: أن ابن جرير لم يأخذ بظاهر الكلام لوجود قرينة وهي قوله { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }
فبما ان الذين عرضوا على الملائكة هم ذريته والملائكة، فينصرف معنى العموم وهو {الاسماء كلها } الى الخاص بأسماء ذريته والملائكة.
سأقول ان الرسول ﷺ فسر هذا القول في الحديث السابق وقال “علمك اسماء كل شيء ” وهذا تفسير صريح صحيح للمعنى هذا ، فلما الاخذ بالقرائن والظاهر واضح ومفسر .
ثم إن قوله { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } موقف اخر حصل بعد تعليمه للاسماء كلها .
فهو موقف اخر في وقت اخر ، اراد به الله عز وجل ان يبتلي الملائكة الذين قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها …، ليبين ان الملائكة مهما بلغت من التسبيح والتقديس والطاعة الا ان علمها محدود ،
فليت ابن جرير لم يصرف ظاهر الكلام ويخصصه في الذرية والملائكة فقط.
قال ابن كثير : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا: ذَوَاتَهَا وَأَفْعَالَهَا .

—————

[١] قال ابو كندا الحديث اخرجه احمد وهو حجة
[2] قال ابو كندا اخرجه الطبري والرواية مقبولة واقرب للصحة وهذا كتاب M-3-
[3] قال ابو كندا اخرجه الطبري والرواية صحيحة ، وهذا كتاب S-1
[4] قال ابو كندا اخرجه الطبري والرواية صحيحة
[5] قال ابو كندا اخرجه ابن ابي حاتم والرواية صحيحة
[6] اخرجه ابن ابي حاتم والرواية مقبولة
[7] قال ابو كندا اخرجه الطبري والرواية مقبولة واقرب للصحة
[8] قال ابو كندا اخرجه ابن ابي حاتم والرواية صحيحة
[9] قال ابو كندا اخرجه الطبري والرواية مقبولة
[10] رواه البخاري

← Older posts
Newer posts →

اشترك

  • Entries (RSS)
  • Comments (RSS)

الأرشيف

  • أوت 2022
  • جويلية 2022
  • ماي 2022
  • أفريل 2022
  • فيفري 2022
  • جانفي 2022
  • ديسمبر 2021
  • نوفمبر 2021
  • أكتوبر 2021
  • سبتمبر 2021
  • أوت 2021
  • جويلية 2021
  • جوان 2021
  • ماي 2021
  • أفريل 2021
  • جانفي 2021
  • ديسمبر 2020
  • نوفمبر 2020
  • أكتوبر 2020
  • نوفمبر 2017
  • أكتوبر 2017
  • سبتمبر 2017
  • أوت 2017
  • جويلية 2017
  • جوان 2017
  • ماي 2017
  • أفريل 2017
  • مارس 2017
  • فيفري 2017
  • ديسمبر 2016
  • سبتمبر 2016
  • أوت 2016
  • جويلية 2016
  • جوان 2016
  • ماي 2016
  • أفريل 2016
  • مارس 2016
  • أكتوبر 2015
  • أوت 2015
  • جوان 2015
  • أفريل 2015
  • مارس 2015
  • فيفري 2015
  • نوفمبر 2014
  • أكتوبر 2014
  • أوت 2014
  • جويلية 2014
  • جوان 2014
  • أفريل 2014
  • مارس 2014
  • فيفري 2014
  • جانفي 2014
  • ديسمبر 2013
  • نوفمبر 2013
  • أكتوبر 2013
  • سبتمبر 2013
  • أوت 2013

التصنيفات

  • Uncategorized

منوعات

  • تسجيل
  • تسجيل الدخول

المدونة على ووردبريس.كوم.

  • تابع متابع
    • ماجد بن محمد العريفي
    • ألديك حساب ووردبريس.كوم بالفعل؟ تسجيل الدخول الآن.
    • ماجد بن محمد العريفي
    • تخصيص
    • تابع متابع
    • تسجيل
    • تسجيل الدخول
    • إبلاغ عن هذا المحتوى
    • مشاهدة الموقع في وضع "القارئ"
    • إدارة الاشتراكات
    • طي هذا الشريط