الوسوم

, , , , , , , , , ,

نعود الى قول القائل اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
قال ابو كندا و لحرف الجر ( من) معنى واحد فقط ، يفهم منه التقدير ويدخل في التقدير الاقسام والبداية والتبعيض .
فحرف (من) يشير الى معنى التقدير في الجملة.
و( من ) في الجملة هنا للتبعيض ،
والمستعاذ منه هو ابليس لأن ( ال ) في الشيطان للعهد وليس للجنس، والدليل على ذلك انه وصف بالرجيم، وهذه صفة خاصة بإبليس لقول الله تعالى { قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ }

اعلم انك ستتعجب وتقول لي أنفهم من كلامك هذا اننا نستعيذ بالله من بعض الشيطان !!!
اقول لك إن الشيطان طلب من الله فـ { قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ(15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ(16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(17) }
وقال الرسول ﷺ ” إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ “. البخاري.

فالله عز وجل ملك وإله وقد قضى ان الشيطان سيأتيك وقد يصيبك وهذا امر من الله قد قضاه ولا مفر منه ، اما تقدير ضرر هذه الاصابة فجعل لك الخيار فيها ، ان استعذت به سيدفع الضرر وان لم تستعذ به سيستمر فيك الضرر حتى يأذن الله عز وجل في دفعه او بقاءه.
لذلك اذا استعذت بالله من الشيطان فأنت تستعيذ من ضرر الشيطان كله . لأن ضرر الشيطان متعدد ومتنوع ولا نستطيع ان نحصر ضرره .
ومن انواع ضرره شره وشركه وسوسته وفتنته وهمزاته وتلبيسه ، لذلك التعوذ منه عامة دون تخصيص، عند قراء القران هو الافضل والاكمل لدفع ضرره .

تأويل قوله: {مِنَ الشَّيْطَانِ}

قال أبو جعفر: والشيطان، في كلام العرب: كل متمرِّد من الجن والإنس والدوابِّ وكل شيء. وكذلك قال ربّنا جل ثناؤه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ} [سورة الأنعام: ١١٢] ، فجعل من الإنس شياطينَ، مثلَ الذي جعل من الجنّ.
وقال عمر بن الخطاب رحمة الله عليه، وركب بِرذَوْنًا فجعل يتبختر به، فجعل يضربه فلا يزداد إلا تبخترًا، فنزل عنه، وقال: ما حملتموني إلا على شيطانٍ! ما نزلت عنهُ حتى أنكرت نَفسي. < قال ابو كندا الرواية صحيحة >

قال أبو جعفر: وإنما سُمي المتمرِّد من كل شيء شيطانًا، لمفارقة أخلاقه وأفعاله أخلاقَ سائر جنسه وأفعاله، وبُعدِه من الخير.أ،هـ

وقال ابو كندا : روى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي ذر، قال:
قال رسول الله ﷺ :
” يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب الأسود “.
فقلت: يا رسول الله، ما بال الكلب الأسود من الأحمر والأصفر؟
فقال: ” الكلب الأسود شيطان ” .

قال ابن جرير : وقد قيل: إنه أخذ من قول القائل: شَطَنَتْ دَاري من دارك – يريد بذلك: بَعُدت. فكأن الشيطان – على هذا التأويل – فَيعَال من شَطَن. أ،هـ
وقال الواحدي : قال أبو علي: هو (فَيْعَال) من شَطَن مثل: البَيْطَار والغَيْدَاق. وليس بفَعْلَان من قوله: وقد يَشِيُط البيت.
لأن سيبويه قد حكى: (شيطن) وهو (فَيْعَل) لا (فَعْلَن)، لأنا لا
نعلم أن هذا الوزن جاء في كلامهم. ومثل (فَيْعَل) بَيْطَر وَهَيْنَم.
وقال قوم: الشيطان فعلان من شاط يشيط إذا هلك واحترق، بوزن: هَيْمَان وعَيْمَان ،من هام وعام .أ،هـ
قال الطبري : ولو كان فَعلان، من شاطَ يشيط، لقال أيُّما شائط، ولكنه قال: أيما شاطنٍ، لأنه من “شَطَن يَشْطُنُ، فهو شاطن”. أ،هـ
وقال ابن عادل : من شَرط امْتنَاع ” فعلان ” الصّفة أَلا يؤنث بِالتَّاءِ، وَهَذَا يؤنث بهَا؛ قَالُوا: ” شَيْطَانَة “.أ،هـ

وقال الخليل : ويُقال للرّجُلِ إذا استامَ بسلْعَتِهِ فتباعَدَ عن الحقِّ في السَّوْم: قد أَبْعَطَ وتَشَحَّى. أو شَطَّ وأَشَطَّ.أ،هـ

قال ابو كندا : اذا كان اسم الشيطان في لغة العرب مشتق من شطن إذا بعد، فيعني هذا ان من يطلق عليه شيطان فهو بعيد بطبعه عن طباع جنسه، وبعيد بفسقه عن كل خير، حتى اصبح قربه ضرر.
ولهذا يسمون كل ما تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانا، قال الله تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } .

وقال الشوكاني : وَقَدِ اخْتَلَفَ كَلَامُ سِيبَوَيْهِ فِي نُونِ الشَّيْطَانِ فَجَعَلَهَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ أَصْلِيَّةً وَفِي آخِرَ زَائِدَةً،
فَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ مِنْ شَطَنَ أَيْ بَعُدَ عَنِ الْحَقِّ،
وَعَلَى الثَّانِي مِنْ شَطَّ: أَيْ بَعُدَ. أَوْ شَاطَ: أَيْ بَطَلَ، وَشَاطَ:أَيِ احْتَرَقَ، وَأَشَاطَ: إِذَا هَلَكَ .أ،هـ

قال ابن عاشور : وَعِنْدِي أَنَّهُ اسْمٌ جَامِدٌ شَابَهَ فِي حُرُوفِهِ مَادَّةً مُشْتَقَّةً وَدَخَلَ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ لُغَةٍ سَابِقَةٍ لِأَنَّ هَذَا الِاسْمَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَقَائِدِ وَالْأَدْيَانِ، وَقد كَانَ الْعَرَب الْعِرَاقِ فِيهَا السَّبْقُ قَبْلَ انْتِقَالِهِمْ إِلَى الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ تَقَارُبُ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي أَكْثَرِ اللُّغَاتِ الْقَدِيمَةِ. أ،هـ

قال ابو كندا : وقول ابن عاشور اعجبني الا ان لي تعليل اخر
مبني على قول الله عز وجل { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ }
وقوله عز وجل { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ }
وقول الله عز وحل {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}

فقد ثبت ان ابراهيم عليه السلام كان يتكلم العربية كما في صحيح البخاري بسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَيَقُولُ : ” إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ “.

وايضا كانت بني اسرائيل تتكلم العربية والدليل قول الله عز وجل { وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ ۚ }

قال: الحسن وقتادة: أي احطُط عنا خطايانا.
قال ابو كندا روايته مقبوله اقرب للصحة >
< الكتاب اشبه بالصحيح >
وهو كتب K

وقال ابن زيد: (وقولوا حطة)، يحط الله بها عنكم ذنبكم وخطيئتكم.

وايضا هذا النبي سليمان عليه السلام يرسل لملكة سبأ بالعربية قال الله عز وجل { قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ(29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ(30) أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ(31) }

وهذا عيسى عليه السلام يبشر قومه برسول يأتي من بعده اسمه احمد { وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ }

قال ابو كندا وفي هذا كله دليل ثابت ان ابراهيم وابناءه واحفاده من الرسل والانبياء الذين ذكرهم في القران كانوا يتحدثون اللغة العربية ولكن بلسان قومهم ، وهذا دليل على ان العربية لها عدة اللسن ، والالسن كما قال بعض العلماء هي الطريقة او سنن او العرف في الكلام والحديث ، ولان قوم رسولنا محمد ﷺ عرب فصحاء نزل عليهم القران بلسان عربي مبين .

فاسم اسرائيل عليه السلام عربي ولكن بلسان بني اسحاق العبراني فـ( اسرا ) اي اسير و( ئيل ) اله ، والمعنى يكون اسير الله او عبد الله .
والدليل ( لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا)، فـ(إيل ) معناها اله كما قال ابن جرير في تفسيره فقال :كأنه يقول: لا يرقبون الله عز وجل.

اذن ، اسرائيل كلمة عربية ليست على لساننا وقس على ذلك اسم اسماعيل عليه السلام فهو اسم متكون من ( يسمع ) و(إيل) اي يسمع الله ومطيع له ، وهذا بلسان ابراهيم عليه السلام ، فحولوه عرب الجزيرة الى اسماعيل فقلبوا (الياء ) -الحرف الاول -في الى (الف) وقلبوا ( الالف) – الحرف قبل الاخير -الى (ياء ) فكان اسماعيل .
قال الطبري في اسم جبريل وميكال ، : وأما ” جبريل ” فإن للعرب فيه لغات.
فأما أهل الحجاز فإنهم يقولون ” جبريل، وميكال ” بغير همز، بكسر الجيم والراء من ” جبريل ” وبالتخفيف.
وعلى القراءة بذلك عامة قَرَأَة أهل المدينة والبصرة.
أما تميم وقيس وبعض نجد فيقولون: ” جَبرئيل وميكائيل ” على مثال ” جبرعيل وميكاعيل ” ، بفتح الجيم والراء، وبهمز، وزيادة ياء بعد الهمزة.

وأما بنو أسد فإنها تقول ” جِبرين ” بالنون. وقد حكي عن بعض العرب أنها تزيد في ” جبريل “” ألفا ” فتقول: جبراييل وميكاييل.
وقد حكي عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ: ” جَبْرَئِلّ” بفتح الجيم، والهمز، وترك المد، وتشديد اللام.
فأما ” جبر ” و ” ميك ” ، فإنهما الاسمان اللذان أحدهما بمعنى: ” عبد ” ، والآخر بمعنى: ” عبيد “.
وأما ” إيل ” فهو الله تعالى ذكره .أ،هـ

قال الثعلبي المتوفي سنة ( 427 ) من ضمن حديثه عن معنى اسم ( الله ) : وقال قوم: أصله (لاها) بالسريانية، وذلك أن في آخر أسمائهم مدّة، كقولهم للروح:
(روحا) ، وللقدس: (قدسا) ، وللمسيح: (مسيحا) ، وللابن: (ابنا) ، فلما طرحوا المدّة بقي (لاه) ، فعرّبه العرب وأقرّوه.أ،هـ

وقال الواحدي : قال أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار: سألت أبا العباس لم جمع بين الرحمن والرحيم؟ فقال: لأن الرحمن عبراني فأتى معه الرحيم العربي، واحتج بقول جرير

أو تَتْرُكُونَ إِلَى القَسَّيْنِ هِجْرَتَكُم … وَمَسْحَهُمْ صُلْبَهُمْ رَحَمَانَ قُرْبَانَا
< قال ابو كندا : ابو بكر هو الانباري وابو العباس هو ثعلب ، والبيت من قصيدة لجرير يهجو فيها الأخطل وهو نصراني، فحكى في البيت قول النصارى، ولهذا نصب (رحمن): (قربانا) أي قائلين ذلك. >
وقال مكي بن ابي طالب :
وقيل: إن إسرائيل اسم عبراني تفسيره: عبد الله.

وقال الزمخشري : في اسم طالوت : إلا أن يقال: هو اسم عبراني وافق عربيا، كما وافق حنطا حنطة، وبشمالا لها رخمانا رخيما بسم اللَّه الرحمن الرحيم . أ،هـ

وشدد الشافعي النكير على القائل بأن في القران كلام معرب، وقال أبو عبيدة: إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول .

وقال ابن أوس: لو كان فيه من لغة غير العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله، لأنه أتى بلغات لا يعرفونها.

وقال ابن جرير: ما ورد عن ابن عباس وغيره من تفسير ألفاظ من القرآن إنها بالفارسية والحبشية والنبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيها توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد .

وفإذا تبين هذا كله فاعلم ان هناك من يتحدث بلسان عربي عبراني ، وهناك من يتحدث بلسان عربي سرياني ، وهناك من يتحدث بلسان عربي حميري .
لذلك اقول ان اسم الشيطان من هذه الالسنة فهي اسماء عربية ولكنها ليست بلساننا لذلك هي بالنسبة للساننا اسماء جامدة ليس لها اشتقاق .

والله اعلم

—————