٧٠٨ – حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس – وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ: أن عدو الله إبليس أقسم بعزة الله ليُغويَنَّ آدم وذريته وزوجَه، إلا عباده المخلصين منهم، بعد أن لعنه الله، وبعد أن أخرِج من الجنة، وقبل أن يهبط إلى الأرض. وعلَّم الله آدم الأسماء كلها .

<قال ابو كندا هذه الرواية لا تقبل لان موسى بن هارون مجهول ، ومجهول الطبري لا اقبله >

< وهذا الكتاب -أ- لا يقبل>

٧٠٩ – وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما فرغ الله من إبليس ومعاتبته، وأبى إلا المعصية وأوقع عليه اللعنة، ثم أخرجه من الجنة، أقبل على آدمَ وقد علّمه الأسماء كلها، فقال:«يا آدم أنبئهم بأسمائهم» إلى قوله«إنك أنت العليم الحكيم» .

<قال ابو كندا الرواية ضعيفة لضعف حميد فقد قيل عنه كذاب >

<قال ابو كندا هذا الكتاب D . لا اقبل رواياته>

٧١٠ – حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس – وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ: فأخرِج إبليسُ من الجنة حين لعن، وأسكِن آدم الجنة. فكان يمشي فيها وحْشًا ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدةٌ خلقها الله من ضلعه، فسألها: من أنت؟ فقالت: امرأة. قال: ولم خلقت؟ قالت: تسكن إليّ. قالت له الملائكة – ينظرون ما بلغ علمه-: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء. قالوا: ولم سُميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شيء حيّ. فقال الله له:«يا آدمُ اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رَغدًا حيث شئتما» (٣).

<قال ابو كندا هذه الرواية لا تقبل لان موسى بن هارون مجهول ، ومجهول الطبري لا اقبله >

< وهذا الكتاب -أ- لا يقبل>

٧١١ – حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما فرغ الله من مُعاتبة إبليس، أقبل على آدم وقد علّمه الأسماء كلها فقال:«يا آدم أنبئهم بأسمائهم» إلى قوله:«إنك أنت العليم الحكيم». قال: ثم ألقى السِّنةَ على آدم – فيما بلغنا عن أهل الكتاب من أهل التوراة، وغيرهم من أهل العلم، عن عبد الله بن عباس وغيره – ثم أخذ ضِلَعًا من أضلاعه من شِقِّه الأيسر، ولأم مكانه لحمًا، وآدم نائم لم يهبَّ من نومته، حتى خلق الله من ضِلَعه تلك زوجته حوّاء، فسوّاها امرأةً ليسكن إليها. فلما كُشِف عنه السِّنة وهبّ من نومته، رآها إلى جنبه، فقال – فيما يزعمون والله أعلم-: لحمي ودمِي وزوجتي، فسكن إليها. فلما زوّجه الله تبارك وتعالى، وجعل له سكنًا من نفسه، قال له، قبيلا «يا آدم اسكنْ أنتَ وزوجك الجنة وكلا منها رغدًا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرةَ فتكونا من الظالمين»

<قال ابو كندا الرواية ضعيفة لضعف حميد فقد قيل عنه كذاب >

<قال ابو كندا هذا الكتاب D . لا اقبل رواياته>

٧١٢ – وكما حدثني به موسى بن هارون قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس – وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ،«وكلا منها رَغدا»، قال: الرغد، الهنيء. (٢)

<قال ابو كندا هذه الرواية لا تقبل لان موسى بن هارون مجهول ، ومجهول الطبري لا اقبله >

< وهذا الكتاب -أ- لا يقبل>

٧١٣ – وحدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيح، عن مجاهد، في قوله:«رغدًا»، قال: لا حسابَ عليهم.

<قال ابو كندا : رواية محمد بن عمرو صحيحة >

وهذا كتاب w

٧١٤ – وحدثنا المثنى، قال حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شِبْل، عن ابن أبي نَجيح عن مجاهد مثله.

<قال ابو كندا الرواية مقبولة >

لكني استغربت ان شبل بن عباد من الخامسة قد اخذ من ابن ابي نجيح وهو من السادسة وتأكدت من تهذيب الكمال فوثق ذلك

وهذا كتاب x

٧١٥ – وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن محمد بن عبد الرحمن، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد:«وكلا منها رغدًا»، أي لا حسابَ عليهم. (٣)

<قال ابو كندا الرواية ضعيفة لضعف حميد فقد قيل عنه كذاب ومحمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى >

< الكتاب لا يقبل D-2 >

٧١٦ – وحُدِّثت عن المنجاب بن الحارث، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس:«وكلا منها رغدًا حيث شئتما»، قال: الرغد: سَعة المعيشة. (١)

فمعنى الآية وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة، وكلا من الجنة رزقًا واسعًا هنيئًا من العيش حيث شئتما.

< قال ابو كندا هذه الرواية لا اقبلها ففيها مبهم وبشر بن عمارة ضعيف>

< وهذا الكتاب الذي يصدر بحدثت وهذه رواية لا اقبلها C-1- >

٧١٧ – كما حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله:«يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رَغدًا حيث شئتما»، ثم إن البلاء الذي كتب على الخلق، كتب على آدمَ، كما ابتُلي الخلقُ قبله، أن الله جل ثناؤه أحل له ما في الجنة أن يأكل منها رَغدا حيث شاء، غيرَ شجرة واحدة نُهي عنها، وقُدِّم إليه فيها، فما زال به البلاء حتى وقع بالذي نُهي عنه. (٢)

<الاسناد مقبول مقارب للصحيح>

وهو كتاب J

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ولا تَقْرَبا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾

قال أبو جعفر: والشجر في كلام العرب: كلّ ما قام على ساق، ومنه قول الله جل ثناؤه: (والنَّجْمُ والشَّجَرُ يَسْجُدانِ) [سورة الرحمن ٦]، يعني بالنجم ما نَجمَ من الأرض من نَبت، وبالشجر ما استقلّ على ساق.

ثم اختلف أهل التأويل في عين الشجرة التي نُهي عن أكل ثمرها آدم، فقال بعضهم: هي السُّنبلة.

* ذكر من قال ذلك:

٧١٨ – حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: حدثنا عبد الحميد الحِمّاني، عن النضر، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الشجرة التي نُهي عن أكل ثمرها آدم، هي السنبلة. (١)

<قال ابو كند الرواية لا اقبلها ففيها النضر بن عبد الرحمن وهو منكر الحديث >

(وهذا كتاب Y)

٧١٩ – وحدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم – وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمران بن عُتيبة – جميعًا عن حُصين، عن أبي مالك، في قوله:»ولا تقرَبا هذه الشجرة«، قال: هي السنبلة.

<قال ابو كند السند الاول صحيح والسند الثاني لا اقبله >

وهذا كتاب هـ

٧٢٠ – وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن مهدي -وحدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري – قالا جميعًا: حدثنا سفيان، عن حصين، عن أبي مالك، مثله. (٢)

< قال ابو كندا الاسناد الاول صحيح والثاني مقبول >

وهذا كتاب و

٧٢١ – وحدثنا أبو كريب، وابن وكيع، قالا حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي، عن عطية في قوله:»ولا تقربا هذه الشجرة«، قال: السنبلة. (٣)

< قال ابو كندا اسناد ابو كريب صحيح واسناد وكيع لا اقبله >

وهذا كتاب ز

٧٢٢ – وحدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة، قال: الشجرة التي نُهي عنها آدم، هي السنبلة. (٤)

<الاسناد مقبول مقارب للصحيح>

وهو كتاب J

٧٢٣ – وحدثني المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثني رجل من بني تميم، أن ابن عباس كتب إلى أبي الجَلْد يسأله عن الشجرة التي أكل منها آدمُ، والشجرة التي تاب عندها: فكتب إليه أبو الجلد:»سألتني عن الشجرة التي نُهي عنها آدم، وهي السنبلة، وسألتني عن الشجرة التي تاب عندها آدم، وهي الزيتونة. (١)

< قال ابو كندا لا اقبلها لان المثنى مجهول ، وفيه مبهم >

وهذا كتاب P-6

٧٢٤ – وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن رجل من أهل العلم، عن مجاهد، عن ابن عباس، أنه كان يقول: الشجرة التي نُهي عنها آدمَ: البُرُّ (٢).

< قال ابو كندا الرواية لا اقبلها ففيها ابن حميد كذاب ومبهم >

وهذا كتاب D-6-

٧٢٥ – وحدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الرَّزّاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، وابن المبارك، عن الحسن بن عمارة، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزَوجته، السُّنبلة. (٣)

< قال ابو كندا لا اقبل الرواية لا الحسن بن عمارة متروك الحديث >

هذا الكتاب P-7-

٧٢٦ – وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن بعض أهل اليمن، عن وهب بن منبه اليماني، أنه كان يقول: هي البُرُّ، ولكن الحبة منها في الجنة ككُلى البقر، ألين من الزبد وأحلى من العسل. وأهل التوراة يقولون: هي البرّ. (٤)

< قال ابو كندا الرواية لا اقبلها ففيها ابن حميد كذاب ومبهم >

وهذا كتاب D-7

٧٢٧ – وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن يعقوب بن عتبة: أنه حُدِّث أنها الشجرةُ التي تحتكُّ بها الملائكة للخُلد.

<قال ابو كندا الرواية ضعيفة لضعف حميد فقد قيل عنه كذاب >

<قال ابو كندا هذا الكتاب D . لا اقبل رواياته>

٧٢٨ – حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن يَمانَ، عن جابر بن يزيد بن رفاعة، عن محارب بنِ دثار، قال: هي السنبلة.

<قال ابو كندا الرواية ليست مقبولة ففيها ابن وكيع لا اقبله >

وهذا كتاب F-4-

٧٢٩ – وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو أسامة، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن، قال: هي السنبلة التي جعلها الله رزقًا لولده في الدنيا (١)

<قال ابو كندا الرواية ليست مقبولة ففيها ابن وكيع لا اقبله >

وهذا كتاب F-5

قال أبو جعفر: وقال آخرون: هي الكرمة.

* ذكر من قال ذلك:

٧٣٠ – حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عبد الله، عن إسرائيل، عن السُّدّيّ، عمن حدثه، عن ابن عباس، قال: هي الكرمة.

<قال ابو كندا الرواية ليست مقبولة ففيها ابن وكيع لا اقبله ولوجود مجهول والسدي ليس بثقة في المجاهيل >

وهذا كتاب F-6

٧٣١ – حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس – وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي ﷺ:«ولا تقرَبا هذه الشجرة»، قال: هي الكرمة، وتزعم اليهود أنها الحنطة.

<قال ابو كندا هذه الرواية لا تقبل لان موسى بن هارون مجهول ، ومجهول الطبري لا اقبله >

< وهذا الكتاب -أ- لا يقبل>

٧٣٢ – وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ، قال: الشجرة هي الكَرْم.

< قال ابو كندا الرواية ليست مقبولة ففيها ابن وكيع لا اقبله >

وهذا كتاب F-7

٧٣٣ – وحدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن الشعبي، عن جعدة بن هُبيرة، قال: هو العِنَب في قوله:«ولا تقربا هذه الشجرة».

< قال ابو كندا الرواية مقبولة واقرب الى الصحة >

وهذا كتاب i-1

٧٣٤ – وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثني أبي، عن خلاد الصفار، عن بَيان، عن الشعبي، عن جعدة بن هُبيرة:«ولا تقرَبا هذه الشجرة»، قال: الكرمُ.

< قال ابو كندا الرواية ليست مقبولة ففيها ابن وكيع لا اقبله >

وهذا كتاب F-7

٧٣٥ – وحدثنا ابن المثنى، قال: حدثني الحسين، قال: حدثنا خالد الواسطي، عن بيان، عن الشعبي، عن جعدة بن هُبيرة:«ولا تقربا هذه الشجرة»، قال: الكرم.

< قال ابو كندا الرواية صحيحة >

وهذا الكتاب S2

٧٣٦ – وحدثنا ابن حميد، وابن وكيع، قالا حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن جعدة بن هُبيرة، قال: الشجرة التي نُهي عنها آدم، شجرة الخمر.

< قال ابو كندا لا اقبل هذه الرواية فابن حميد كذاب وابن وكيع لا اقبله في التفسير >

وهذا كتاب ح

٧٣٧ – وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا عباد بن العوام، قال: حدثنا سفيان بن حسين، عن يعلى بن مُسلم، عن سعيد بن جبير، قوله«ولا تقربا هذه الشجرة»، قال: الكرم.

< قال ابو كندا هذه الرواية مقبولة >

هذا كتاب M-4-

٧٣٨ – وحدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا سفيان، عن السُّدّيّ، قال: العنب.

< قال ابو كندا الرواية صحيحة >

وهذا كتاب M-5-

٧٣٩ – وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن قيس، قال: عِنَب (١).

< قال ابو كندا لا اقبل هذه الرواية ففيها ابو معشر وهو ضعيف >

وهذا كتاب B-3-

وقال آخرون: هي التِّينة.

* ذكر من قال ذلك:

٧٤٠ – حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جُريج، عن بعض أصحاب النبي ﷺ قال: تينة. (٢)

<قال ابو كندا الرواية مقبولة>

< وهذا كتاب B >

قال أبو جعفر: والقول في ذلك عندنا أن الله جل ثناؤه أخبر عباده أن آدم وزوجَه أكلا من الشجرة التي نهاهُما ربُّهما عن الأكل منها، فأتيا الخطيئة التي نهاهما عن إتيانها بأكلهما ما أكلا منها، بعد أن بيّن الله جل ثناؤه لهما عَين الشجرة التي نهاهما عن الأكل منها، وأشار لهما إليها بقوله:«ولا تقربا هذه الشجرة»، ولم يضع الله جل ثناؤه لعباده المخاطَبين بالقرآن، دلالةً على أيّ أشجار الجنة كان نهيُه آدمَ أن يقربها، بنصٍّ عليها باسمها، ولا بدلالة عليها. ولو كان لله في العلم بأيّ ذلك من أيٍّ رضًا، لم يُخل عبادَه من نَصْب دلالة لهم عليها يَصلون بها إلى معرفة عينها، ليطيعوه بعلمهم بها، كما فعل ذلك في كل ما بالعلم به له رضًا.

فالصواب في ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه نهى آدمَ وزوجته عن أكل شجرة بعينها من أشجار الجنة دون سائر أشجارها، فخالفا إلى ما نهاهما الله عنه، فأكلا منها كما وصفهما الله جل ثناؤه به. ولا علم عندنا أي شجرة كانت على التعيين، لأن الله لم يَضَع لعباده دليلا على ذلك في القرآن، ولا في السنة الصحيحة. فأنّى يأتي ذلك؟ (١) وقد قيل: كانت شجرة البر، وقيل: كانت شجرة العنب، وقيل: كانت شجرة التين، وجائز أن تكون واحدة منها، وذلك عِلمٌ، إذا عُلم لم ينفع العالمَ به علمه (٢)، وإن جهله جاهل لم يضرَّه جهلُه به.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى ذكره ﴿ولا تَقْرَبا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظّالِمِينَ﴾

قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في تأويل قوله:«ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين».

فقال بعض نحويّي الكوفيين: تأويل ذلك: ولا تقربا هذه الشجرة، فإنكما إن قربتماها كنتما من الظالمين. فصار الثاني في موضع جواب الجزاء. وجوابُ الجزاء يعمل فيه أوّله، كقولك: إن تَقُم أقُم، فتجزم الثاني بجزم الأول. فكذلك قوله«فتكونا»، لما وقعت الفاء في موضع شرط الأوّل نُصب بها، وصُيرت بمنزلة «كي» في نصبها الأفعال المستقبلة، للزومها الاستقبال. إذ كان أصل الجزاء الاستقبال.

وقال بعض نحويّي أهل البصرة: تأويل ذلك: لا يكن منكما قُرْبُ هذه الشجرة فأن تكونا من الظالمين. غير أنه زعم أنّ «أن» غير جائز إظهارها مع«لا»، ولكنها مضمرة لا بد منها، ليصح الكلام بعطف اسم – وهي«أن» – على الاسم. كما غير جائز في قولهم:«عسى أن يفعل»، عسى الفعل. ولا في قولك:«ما كان ليفعل»: ما كان لأن يَفعل.

وهذا القولُ الثاني يُفسده إجماعُ جميعهم على تخطئة قول القائل:«سرني تقوم يا هذا»، وهو يريد سرني قيامُك. فكذلك الواجب أن يكون خطأ على هذا المذهب قول القائل:«لا تقم» إذا كان المعنى: لا يكن منك قيام. وفي إجماع جميعهم -على صحة قول القائل:«لا تقم»، وفساد قول القائل:«سرني تقوم» بمعنى سرني قيامك – الدليل الواضح على فسادِ دعوى المدعي أنّ مع«لا» التي في قوله:«ولا تقربا هذه الشجرة»، ضمير«أن» – وصحةِ القول الآخر.

وفي قوله«فتكونا من الظالمين»، وجهان من التأويل:

أحدهما أن يكون«فتكونا» في نية العطف على قوله«ولا تقربا»، فيكون تأويله حينئذ: ولا تقربا هذه الشجرة ولا تكونا من الظالمين. فيكون«فتكونا» حينئذ في معنى الجزم مجزومًا بما جُزم به«ولا تقربا»، كما يقول القائل: لا تُكلم عمرا ولا تؤذه، وكما قال امرؤ القيس:

فُقُلْتُ لَهُ: صَوِّبْ ولا تَجْهَدَنَّهُ … فَيُذْرِكَ مِن أُخْرى القَطاةِ فَتَزْلَقِ (١)

فجزم«فيذرِك» بما جزم به«لا تجهدنه»، كأنه كرّر النهي.

والثاني أن يكون«فتكونا من الظالمين»، بمعنى جواب النهي. فيكون تأويله حينئذ: لا تقربا هذه الشجرة، فإنكما إن قَرَبتماها كنتما من الظالمين. كما تقول: لا تَشتمْ عمرًا فيشتُمك، مجازاةً. فيكون«فتكونا» حينئذ في موضع نَصب، إذْ كان حرفًا عطف على غير شكله، لمّا كان في«ولا تقربا» حرف عامل فيه، ولا يصلح إعادته في«فتكونا»، فنصب على ما قد بينت في أول هذه المسألة.

وأما تأويل قوله:«فتكونا من الظالمين»، فإنه يعني به فتكونا من المتعدِّين إلى غير ما أذِن لهم وأبيح لهم فيه، وإنما عَنى بذلك أنكما إن قربتما هذه الشجرة، كنتما على منهاج من تعدّى حُدودي، وعصى أمري، واستحلَّ محارمي، لأن الظالمين بعضُهم أولياء بعض، والله وليّ المتقين.

وأصل«الظلم» في كلام العرب، وضعُ الشيء في غير موضعه، ومنه قول نابغة بني ذبيان:

إلا أُوارِيَّ لأيًا ما أُبَيِّنُها … والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بِالمَظْلُومَةِ الجَلَدِ (١)

فجعل الأرض مظلومة، لأن الذي حفر فيها النؤى حَفر في غير موضع الحفر، فجعلها مظلومة، لموضع الحفرة منها في غير موضعها. (٢) ومن ذلك قول ابن قَميئة في صفة غيث:

ظَلَمَ البِطاحَ بِها انْهِلالُ حَرِيصَةٍ … فَصَفا النِّطافُ لَهُ بُعَيْدَ المُقْلَعِ (١)

وظلمه إياه: مجيئه في غير أوانه، وانصبابه في غير مصبِّه. ومنه: ظَلم الرجلُ جَزوره، وهو نحره إياه لغير علة. وذلك عند العرب وضْع النحر في غير موضعه.

وقد يتفرع الظلم في معان يطول بإحصائها الكتاب، وسنبينها في أماكنها إذا أتينا عليها إن شاء الله تعالى. وأصل ذلك كله ما وصفنا من وضع الشيء في غير موضعه.