الوسوم

, , ,

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}

عن أبي صالح، في قوله:”ونحن نسبّح بحمدك، ونقدس لك”، قال: نعظمك ونمجِّدك. [٢]

وعن مجاهد، في قول الله:”ونقدس لك”، قال نعظّمك ونكبِّرك . [٣]

قال الطبري : والتقديس هو التطهير والتعظيم، ومنه قولهم:”سُبُّوح قُدُّوس”، يعني بقولهم:”سُبوح”، تنزيهٌ لله، وبقولهم:”قُدوسٌ”، طهارةٌ له وتعظيم.
ولذلك قيل للأرض:”أرض مُقدسة”، يعني بذلك المطهرة.
فمعنى قول الملائكة إذًا:”ونحن نسبِّح بحمدك”، ننزهك ونبرئك مما يضيفه إليك أهلُ الشرك بك، ونصلي لك.
“ونقدس لك”، ننسبك إلى ما هو من صفاتك، من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك.أ،هـ

قال ابو كندا لا يعجبني قول الطبري في قوله : “ونقدس لك”، ننسبك إلى ما هو من صفاتك، من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك.
ويعجبني قول: الزجاج عندما قال :ومعنى (نُقَدِّسُ لَكَ) أي نطهر أنْفُسَنا لك، ومن هذا بيت المقدس، أي البيت المُطهرُ أو المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب.أ،هـ
وقول الشربيني : وقيل: نقدّس لك نطهر نفوسنا عن الذنوب لأجلك، كأنهم قابلوا الفساد المفسر بالشرك عند قوم بالتسبيح
وسفك الدماء الذي هو أعظم الأفعال الذميمة بتطهر النفس عن الآثام . أ،هـ

قال ابو كندا ويتضح من هذا القول والاقوال الاخرى ان مادة قدس تدل على الطهارة مع التعظيم، فهو عظيم الطهارة والمطهر .
فلاينبغي لأحد ان يقابله الا بطهارة، لذلك قالوا نقدس لك اي نتطهر لخطابك لنا وصلاتنا لك وسماع اوامرك، ولم يقولوا نقدسك اي نطهرك ، تعالى الله عن ذلك.

وقد بين السعدي وجهة نظر القولين ولم يرجح فقال: { ونقدس لك} يحتمل أن معناها: ونقدسك، فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص،
ويحتمل أن يكون: ونقدس لك أنفسنا، أي: نطهرها بالأخلاق الجميلة، كمحبة الله وخشيته وتعظيمه، ونطهرها من الأخلاق الرذيلة.

وعَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة: ٣٠] قَالَ: ” التَّسْبِيحُ: التَّسْبِيحُ , وَالتَّقْدِيسُ: الصَّلَاةُ “[٤]

قال ابو كندا لم اقرأ لأحد قال ان التقديس الصلاة الا قتادة ، وقرأت ان ابن عطية ضعف قوله .
أما الذي اعرفه ان بعض العرب تسمي الصلاة سبحة ، وتصف الذين يصلون بيسبحون كما جاء في صحيح مسلم عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال: صحبت ابن عمر في طريق مكة، قال: فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه، حتى جاء رحله، وجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى، فرأى ناسا قياما، فقال: «ما يصنع هؤلاء؟» قلت: يسبحون، قال: «لو كنت مسبحا لأتممت صلاتي، يا ابن أخي إني صحبت رسول الله ﷺ في السفر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، ثم صحبت عثمان، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله» وقد قال الله: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: ٢١] .[٥]
وقال الزجاج : يقال فرغت من تسبيحي أي من صلاتي .

اما اذا كان قتادة يقصد بالصلاة مثالا على التقديس وليس معنى التقديس فيعجبني هذا.
لأن الصلاة مبتدأها الوضوء وهي الطهارة الظاهرة ومآلها الغفران وهي الطهارة الباطنة .
ويرد هنا سؤال وهو هل قول الله عز وجل { وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ(6) } هو معنى التقديس؟؟؟

—————
[٢] رواه الطبري وقال ابو كندا الرواية مقبولة
[٣] قال ابو كندا رواه ابن جرير من طريقين احدهما صحيح والاخر مقبول
[٤] رواه عبد الرزاق قال ابو كندا الرواية صحيحه
[٥] صحيح مسلم