الوسوم

, , , ,

ثلاثون يوما قضيتها في …

كان انيسي فيها مسلم ابن الحجاج وعبدالعزيز الراجحي.

مسلم ابن الحجاج جمع احاديثه في كتابه الموسوم بـ”صحيح مسلم” يذكرها لنا وعبدالعزيز الراجحي يعلق على الاحاديث وانا فقط استمع واقرأ الاحاديث.

بدأت من كتاب الحج الى كتاب الاشربة – كان المعدل التقريبي ثلاث ساعات تزيد ولا تنقص يوميا.

والله يا اخوان اني ندمت بعد ما قرأت الكتاب واستمعت الى التعليق عليه ، تمنيت اني قرأته قبل عشر سنوات ، ولو اني فعلت ذلك ، لعبدت الله من غير افراط ولا تفريط،

ووفرت المال والجهد واستمتعت بحياتي اكثر من استمتاعي الان والحمدلله،

ولَمَا اصابتني فوبيا تغير الفتوى مع تغير الزمان.

“صحيح مسلم” يا اخوان يذكر لك الحلال والحرام والتشريعات كلها وتاريخ التشريع وبداية التشريع وتعامل الصحابة مع هذا التشريع، فتفهم ما اراده الله مما فرضه الله علينا .

مسلم بن الحجاج كان متجردا في تأليفه لهذا الكتاب ، كان منهجه ذكر ماصح عنده على شروطه من الاحاديث دون ان يدخل عقله او مايراه راجحا في الكتاب،

كان يعنون الكتاب ثم يسرد الاحاديث ، دون استحسان او استصحاب او المصلحة تقتضي او درء المفاسد على جلب المصالح ، او الاصلح للمسلمين .

تجرد مسلم بن الحجاج من هذا كله فجعل من يقرأه يفهم مايريد الله من تشريعه فيطبق القارئ مايريده الله لا مايريد عقل الشيخ فلان او منطق المفكر علان.

فكانت الفتوى لا تتغير بتغير الزمن لأن الفتوى معتمدة على قال الله وقال رسوله.

وليتضح المقال اضرب المثال ها نحن اليوم نرى بعض الفقهاء يغير حكم من احكام الله عز وجل .

ألا وهو ، النهي عن قص الشعر والاظافر لمن اراد ان يضحي ،

مع ان حديث ام سلمة واضح وصريح وهو عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا» صحيح مسلم

وذكره مسلم من طريق اخر فقال عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، تَرْفَعُهُ، قَالَ: «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ وَعِنْدَهُ أُضْحِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا، وَلَا يَقْلِمَنَّ ظُفُرًا»

دقق في كلمات الحديث ستجد ان الرسول ﷺ قال اذا دخل العشر ، فهناك وقت محدد بشرط محدد بنهي محدد.

فالوقت المحدد هو “اذا دخلت العشر”

والشرط المحدد “واراد احدكم ان يضحي”

والنهي المحدد ” فلا يمس من شعره وبشره “وفي رواية ولا يقلمن اظافره ” .

وهذا نص صريح صحيح في المسئلة.

فيأتي بعض الفقهاء في زماننا هذا ويضربون بهذا الحديث عرض الحائط ويقولون يجوز لك الاخذ من شعرك وتقصيص اظافرك، وأن النهي نراه للكراهية .

ثم يستشهدون بحديث عائشة عن عِبادةٍ اخرى مهجورة في هذا الزمان وهي : اهداء الهدي الى مكة ، وهذه العبادة ليس لها وقت محدد ولها احكام غير احكام الاضحية ، والحديث هو أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُهْدِي مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ، ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ» صحيح مسلم

وذكر مسلم طريق اخر فقال عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ بِيَدَيَّ، ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إِلَى الْبَيْتِ، وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا»

تأملوا في كلمات هذا الحديث ستجدون ان عائشة تتحدث عن عبادة اخرى غير الاضحية وهي بعث الهدايا والبدن الى مكة ،

ولهذه العبادة احكام تختلف عن الاضحية ،

ولأن السلف كانوا يهتمون بها، كثرت اسئلتهم عنها ، ولولا ان اخشى الاطالة عليكم لذكرت احكامها ولبينت لكم الاختلاف لأن الناس كانوا يبعثونها من كل مكان وخاصة الخلفاء والولاة والتجار كانوا يحرصون عليها ، فتجدهم يبعثون الهدي من خرسان والشام واليمن فتطول المدة اكثر من شهر، وقد يحدث للهدي في الطريق مالم يكن في الحسبان ،

وحتى اوضح لكم اكثر عن هذه العبادة المهجورة اذكر لكم هذا الحديث الذي في صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ذُؤَيْبًا أَبَا قَبِيصَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَبْعَثُ مَعَهُ بِالْبُدْنِ ثُمَّ يَقُولُ: «إِنْ عَطِبَ مِنْهَا شَيْءٌ، فَخَشِيتَ عَلَيْهِ مَوْتًا فَانْحَرْهَا، ثُمَّ اغْمِسْ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، ثُمَّ اضْرِبْ بِهِ صَفْحَتَهَا، وَلَا تَطْعَمْهَا أَنْتَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ»

ارأيتم ايها الاخوة الفرق بين الاضحية وهدي البدن،

إن الفقيه الذي يبيح اخذ الشعر للمضحي بحجة حديث عائشة ، كمن يقول بجواز صلاة الظهر او العصر ثلاث ركعات بحجة ان الرسول ﷺ صلى المغرب ثلاث ركعات.

ثم ان حلق اللحية نهى عنه الرسول ﷺ سواء كنت ستضحي أم لا.

واما بعض الفقهاء فقد شددوا اكثر فقالوا “المضحي “و “المضحي عنه ” لا يجوز الاخذ من الشعر ولا الاضافر.

اخواني عليكم بالحديث ودعوكم من الفقهاء، لأن الاحاديث ثابتة لا تتغير وعقول الفقهاء متغيرة ويصيبها النقص والضعف.

نعود الى صحيح مسلم هذا الكتاب عجيب ومن عجائبه ، أنك اذا قرأته كما ألفه مسلم دون تبويبات النووي ، ستشعر انك تقرأ كتاب في السيرة وكتب السيرة تهوي النفوس اليها من العامة وطلبت العلم والعلماء،

وأما ان قرأته بتبويب النووي ستشعر بأنك تقرأ كتاب في الفقه ، وكتب الفقه لا تهوى اليها كل النفوس .

كتبه

ماجد بن محمد العريفي

14- 8- 2018