وأما بنعمة ربك فحدث ) بتوفيق من الله ونعمة استمعت الى صحيح مسلم كامل مع تعليقات الشيخ عبد العزيز الراجحي ،
بدأ مسلم كتابه بكتاب الايمان كما أن اول كتاب في صحيح البخاري هو كتاب الايمان – وكأنهما يتتبعان طريق دعوة النبي ﷺ حذو القذة بالقذة –
فعن جندب بن عبد الله قال كنَّا معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ونحنُ فتيانٌ حزاورةٌ فتعلَّمنا الإيمانَ قبلَ أن نتعلَّمَ القرآنَ ثمَّ تعلَّمنا القرآنَ فازددنا بِه إيمانًا. صحيح ابن ماجه
قَالَ حُذَيْفَةُ: ((إِنَّا قَوْمٌ أُوتِينَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نُؤْتَى الْقُرْآنَ، وَإِنَّكُمْ قَوْمٌ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تؤتوا الإيمان)) . سنن سعيد بن منصور
وقال ابن عمر لقد عِشْنا بُرهةً من دَهرٍ، وأحدُنا يُؤتَى الإيمانَ قبلَ القُرْآنِ، وتَنزِلُ السُّورةُ على مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فيتعلَّمُ حَلالَها وحَرامَها، وآمِرَها وزاجِرَها، وما يَنبَغي أنْ يوقَفَ عندَه منها، كما تتعلَّمونَ أنتمُ اليومَ القُرْآنَ، ثم لقد رأيتُ اليومَ رِجالًا يُؤتى أحدُهمُ القُرْآنَ قبلَ الإيمانِ، فيَقرَأُ ما بينَ فاتِحَتِه إلى خاتِمَتِه، ولا يَدْري ما آمِرُه، ولا زاجِرُه، ولا ما يَنبَغي أنْ يوقَفَ عِندَه منه، ويَنتَثِرُه نَثْرَ الدَّقَلِ. كتاب الايمان لابن منده
أما ان تسائلت لماذا ؟ تخبرك عائشة رضي الله عنها.
قالت عائشة : إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ نَزَلَ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لاَ تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لاَ تَزْنُوا، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا، لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: ٤٦] وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلَّا وَأَنَا عِنْدَهُ ” البخاري
لذلك اعلنها صريحة ان من يضع هدفه في تربية ابنائه ان يختموا القران حفظا قبل الخمس عشرة سنة فهو مخطئ – رفقا بي اخي وهدي اعصابك واعدد على اصابعك-
فاطمة ، علي ، عائشة ، انس بن مالك، عبدالله بن عباس ، الفضل بن عباس، عبدالله بن عمر ، عبدالله بن الزبير ، وربيب الرسول ﷺ عمر بن ابي سلمة، والحسن – اكتملت العشر اصابع وغيرهم كثير من صغار السن – رضي الله عنهم.
لم يحفظوا القران قبل وفات الرسول ﷺ ، ومن حفظه منهم حفظه بعد وفات الرسول ﷺ مع انهم اقرب الناس اليه.
اتدري مالامر الذي حرص النبي ﷺ عليه في تربية من حوله صغار و كبار بلغوا أو لم يبلغوا ؟؟
حرص على قيام الليل – وان كنت في ريب من هذا –
تصفح الكتب الستة ومسند احمد لتتيقن.
اليك ماستجده في هذه الكتب – ولعلك تتحملني قليلا لأننا سنعود الى العد على اصابعك-
علم الرسول ﷺ الحسن بن علي دعاء الوتر وحفظه ايها وقد كان عمر الحسن حينئذ مابين السبع والثمان سنين، – هذا الخنصر-
وقف عند ( اصبع الخنصر) لحظة،
ففي هذا الحديث بيان كيف تربي ابنك وابنتك وفق قول الرسول ﷺ ” علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا وفرقوا بينهم في المضاجع”.
وهو اول ماتعلمهم الصلاة تعلمهم ركعة وحده وتعلمهم دعاء الوتر فيها ، وتعلمهم كيف يتواصلون مع الله في الليل بهذه الركعة ، فيطلبون حاجاتهم من الله – وهذا هو تعليم الايمان ، قبل القران –
وبعد عدة اشهر تعلمهم ركعتي الفجر اذا قام وتحرص عليها ، وهكذا حتى يتعلم الصلاوات كلها.
نعود الى العد -على الاصابع-
كان عبدالله بن عباس يصلي مع النبي ﷺ وهو لم يبلغ الحلم – البنصر-
قال عن عبدالله بن عمر يحضه على قيام الليل “نِعْمَ الرَّجلُ عبدُ اللَّهِ لَو كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ” – الوسطى-
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لعبدالله بن عمرو بن العاص ” يَا عَبْدَ اللَّهِ لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلانٍ: كانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ ” – السبابه –
كان عليه الصلاة والسلام يخرج في الليل ويذهب الى بيت بنته فاطمة ليوقظها وزوجها – ابن عمه علي بن ابي طالب – لقيام الليل – الابهام –
كان عليه الصلاة والسلام يوقض زوجاته لقيام الليل – الخنصر من اليد الأخرى-
قال النبي ﷺ ” رحِمَ اللَّه رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فصلىَّ وأيْقَظَ امرأَتهُ، فإنْ أَبَتْ نَضحَ في وجْهِهَا الماءَ، رَحِمَ اللَّهُ امَرَأَةً قَامت مِن اللَّيْلِ فَصلَّتْ، وأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فإِن أَبي نَضَحَتْ فِي وجْهِهِ الماءَ ” – البنصر –
حرص النبي ﷺ على اعز صديقين له ” خرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ليلة، فإذا هو بأبي بكر – رضي الله عنه – يصلي يخفض من صوته، ومر بعمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وهو يصلي رافعا صوته “، فلما اجتمعا عند النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ” يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك ” فقال أبو بكر: قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله، وقال لعمر: ” مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك ” , فقال: يا رسول الله، أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا , وقال لعمر: اخفض من صوتك شيئا ” – الوسطى-
ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتى أَصبحَ، قالَ: ذاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ في أُذنَيْهِ أَو قَالَ: في أُذنِه ” -السبابه-
أما – الابهام -يكفيك تربية الله عز وجل لنبيه ﷺ “قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلً () نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا () أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلً) لماذا ليربيه ويهيئه للرسالة (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ) – تلك عشرة كاملة ، وهناك المزيد –
نعود الى صحيح مسلم والفرق بينه وبين صحيح البخاري
طبعا كلاهما في قرن واحد توفي البخاري قبل مسلم سنة 256 وتوفي مسلم سنة 261 الفرق بين وفاتهما 5 سنوات تقريبا
مع أني قرأت في صحيحه 3033 حديث كما عدها ” محمد فؤاد عبدالباقي-
إلا اني استغربت من قول أحمد بن سلمة عن صحيح مسلم -وقد كان رفيق الإمام مسلم وتلميذه- : انه جمع فيه «اثنا عشر ألف حديث”
فأين باقي الاحاديث ، فرأيت قول الذهبي فاطمأن قلبي
قال الذهبي معلّقاً: «يعني بالمكرر، بحيث إنه إذا قال: حدثنا قتيبة، وأخبرنا ابن رمح يعدان حديثين، اتفق لفظهما أو اختلف في كلمة.»
وعد بعض العلماء المعاصرين احاديث مسلم فكانت النتيجة عدد أحاديث الكتاب بالمكرر ومع الشواهد والمتابعات 7385 حديثاً بدون أحاديث المقدّمة وعددها 10 أحاديث .
اما مسئلة من الافضل صحيح البخاري او صحيح مسلم فجمهور اهل العلم يقدمون صحيح البخاري على مسلم ، فيرون ان البخاري اعلم بصناعة الحديث والرجال من مسلم .
ويعلمون ان اشتراطات البخاري في صحة الحديث اقوى من اشتراط مسلم
وابدع البخاري في فقه موجود عن طريق الابواب التي في صحيحه
أما اهل المغرب فيقدمون مسلم على البخاري ، ونفسي تميل الى ذلك لعدة اسباب – لا يحتاج ان تعدها بأصابعك فقد اتعبناك اليوم كثيرا-
1-مسلم وان كان أقل من البخاري في علم صناعة الاحاديث إلا انه يذكر الأحدايث كامله كما رويت بألفاظها دون تقطيع او اختصار ، – والبخاري في صحيحه يقطع الاحاديث حسب فقهه.
وهذا يعطي الافضليه -لصحيح مسلم- في تجرد النفس من التدخل في الاحاديث ، فهو يروي لك ماسمعه من الاحاديث الصحيحة كما وصلته دون توجيهك بإشارة من باب او اختصار او تقطيع لما فهم هو، فتتبع ما يقول مسلم وانت لا تشعر-
كأنه يقول سمعت كذا وكذا ولم انقص حرف واحد ، فافهم منه ماتريد واستنتج فوائدك بنفسك-
وهذا يساعد على استخراج الفوائد ولو تغير الزمان او المكان والبيئة.
فكل انسان مهما كان تؤثر عليه عوامل البيئة والزمان والمكان من عادات واعراف وطبائع واوضاع سياسية واقتصادية.
٢- تستطيع ان تقول ان كتاب صحيح مسلم من كتاب الايمان الى كتاب التفسير- 95٪ قد تزيد او تنقص -منه روايات عن الرسول ﷺ من قوله وفعل وامر عرف في زمانه .
اما البخاري فينقص عن هذه النسبة بكثير لأنه يذكر اراء الصحابة واقوال التابعين واتباع التابعين وايضا اقوال البخاري نفسه في كل باب .
٣- صحيح مسلم سهل سلس اشبه بالتاريخ ليس فيه ابواب لا يحتاج الى شرح كثير لذلك لا تجد له شروح كثيرة ، فأي مبتدئ في طلب العلم يستطيع ان يقرأه .
أما صحيح البخاري فهو كتاب صعب يحتاج لمن يقرأه ان يبلغ في العلم درجة كبيرة حتى يستطيع ان يقرأ البخاري بسلاسة فأبواب البخاري بعض الاحيان تعتبر الغاز – حتى الشراح لا يستطيعون ان يتفقوا على مايقصد البخاري في بعض الابواب التي يضعها –
ناهيك عن الاقوال التي يذكرها عن التابعين وتابعي التابعين – لذلك تجد شروح البخاري كثيرة جدا جدا.
ملاحظة : كان كتاب مسلم سلس حتى تدخلت المطابع واضافت ابواب النووي التي وضعها في شرحع لصحيح مسلم – فقد وضع له ابواب كطريقة البخاري فأخرج روح الكتاب من السلاسة الى وتجريد النفس الى روح الاكاديمية والقيود والتوجيه-
4-البخاري وضع شروط في كتابه لما يرويه من الاحاديث بسنده – وهي صعبة جدا – لذلك اضطر الى كسر هذه الشروط بذكر احاديث معلقة ليست مكتملة الاسناد اليه ، -مع انها صحيحه – الا انه لايرويه بسنده لأنها مخالفة لشروطه هذه الاحاديث تسمى الاحاديث المعلقة وعددها في كتابه 150 حديثا معلقا.
بينما مسلم ليس فيه من الاحاديث المعلقة الا بضعة عشر.
ومن صعوبة شروط البخاري في كتابه يضطر بعض الاحيان لذكر حديث صحيح او يشير الى حديث لا يوافق شروطه في تبويبه.
الحاصل مع أني اقدم كتاب صحيح مسلم على كتاب صحيح البخاري إلا ان الاحاديث المسندة الى الرسول ﷺ في البخاري اقوى واصح مجملا من احاديث مسلم ، وكلاهما صحيحان.
مع ان جمهور المحدثين اتفقوا على صحة احاديث مسلم كلها إلا أني سمعت محمد بن عثيمين يضعف حديث الجساسة ليس سندا بل متنا فسأله احد طلبته بعد ان شرح لماذا ضعفه متنا : من قال بهذا من اهل العلم ؟ قال لا اعلم الا محمد رشيد رضا. – او كما قال-
ثم استمعت لتعليقات عبدالكريم الخضير على تفسير بن كثير ، فوجدته يضعف حديث التربة الذي في مسلم متنا وليس سندا موافقا لابن كثير في تضعيفه ثم قال وقد ضعف من المعاصرين محمد رشيد رضا ،
ثم سمعت عبدالعزيز الراجحي في تعليقه على صحيح مسلم يضعف حديث التربة ايضا متنا وليس سندا .
فتعجبت من اتفاق الخضير مع الراجحي في تضعيف الحديث ، فظننت ان هذا ايضا رأي بن باز لأنهما من تلاميذه ، فسألت علي المري – وهو احد تلاميذه – عن رأي بن باز في حديث التربة ، فقال لي أن ابن باز يرى ان لمسلم هيبته فلا ينبغي ان نضعف الحديث الذي رواه متنا . – او كما قال –
ثم وجدت كلام للشيخ الالباني يبين صحة حديث التربة متنا.
أما انا فأرى ان كل احاديث البخاري ومسلم صحيحة ، قد قتلت بحثا وتبينت أنها كلها صحيحة فلايحتاج ان نناقشها مرة أخرى.
ملاحظة قد يرسل لي شخص قرأ مقدمتي وسيقول ان البخاري بدأ كتابه الصحيح ببدء الوحي وليس كتاب الايمان ، سأجيبه نعم بدء ب(باب بدء الوحي ) ثم قال (كتاب الايمان) اذا أول كتاب ذكره في صحيحه هو كتاب الايمان.
29- رمضان – 1440