قال ابو كندا
حتى نعرف معنى قول الله عز وجل { وإذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة}
ينبغي لنا ان نعرف احداثها ولا نُعرض عنها.
فهي نبأ عظيم يجب علينا ان نتأملها حتى نعرف اساسات هذا الكون الكبير ومعاني هذا القران العظيم
{ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (67) أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (68) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ (69) إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (70) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ (71)

ولأن الله عز وجل قال { مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)

سأضع قاعدة في تلقي اخبار هذا النبأ العظيم وسأبني عليها احداث هذه القصة او هذا البحث
وهي: < لا اقبل فيها قولا الا ماقاله الله >.
وأقصد بقولي ماقاله الله عز وجل : هو ماقاله في القران او مانبئ به رسوله ﷺ

وحتى تدركوا ما اصبوا اليه سأذكر لكم قصة ذكرها مالك في موطأه واحمد في مسنده واللفظ لمالك ،
عن أبي هريرة : أَنَّهُ قَالَ :
خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ فَلَقِيتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ، فَجَلَسْتُ مَعَهُ، فَحَدَّثَنِي عَنِ التَّوْرَاةِ، وَحَدَّثْتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَكَانَ فِيمَا حَدَّثْتُهُ أَنْ قُلْتُ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، يَوْمُ الْجُمُعَةِ : فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، مِنْ حِينِ تُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقاً مِنَ السَّاعَةِ، إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ “.
قَالَ كَعْبٌ : ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ،
فَقُلْتُ : بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ : فَقَالَ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ … “. إلى ان قال ” …قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِمَجْلِسِي مَعَ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَمَا حَدَّثْتُهُ بِهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقُلْتُ : قَالَ كَعْبٌ : ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : كَذَبَ كَعْبٌ، فَقُلْتُ ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ، فَقَالَ : بَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : صَدَقَ كَعْبٌ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَقُلْتَ لَهُ : أَخْبِرْنِي بِهَا، وَلَا تَضَنَّ عَلَيَّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ : هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَقُلْتُ : وَكَيْفَ تَكُونُ آخِرَ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ” لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ يُصَلِّي “، وَتِلْكَ السَّاعَةُ سَاعَةٌ لَا يُصَلَّى فِيهَا، فَقَالَ عبد الله بن سلام: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : ” مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ “. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَقُلْتُ : بَلَى. قَالَ : فَهُوَ ذَلِكَ.

الامر الثاني: أن الرسول ﷺ نهانا عن الصلاة بعد العصر ، فهل يعقل ينهانا الرسول ﷺ عن وقت تستجاب فيه الدعوة!!!!

الامر الثالث: قد يكون تحديد وقت الساعة في اخر وقت العصر مبني على العلم الذي تعلمه الصحابي عبد الله بن سلام في صغره من علماء بني اسرائيل او اليهود وكتبهم.
أقول ذلك لأن بعض علماء المسلمين معترض على حديث التربة الذي في مسلم مع انه في مسلم وهذا الحديث فيه “وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ “. وحجتهم أن البخاري يقول ان ابا هريرة سمعه من كعب الاحبار ولم يسمعه من الرسول ﷺ ، وكعب الاحبار كان قبل اسلامه من علماء اليهود.

الحاصل ياسادة ياكرام ستجد في بحثي هذا طريقة ابي هريرة في الاستدلال والاستنباط وطريقة عبد الله بن سلام في الاجتهاد وايضا طريقة الاعرابي في تصور ماتحتمله الكلمة عندما تحدث الرسول ﷺ عن اهل الجنة كما جاء في البخاري عَنْ أبي هريرة،
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ،
فَقَالَ لَهُ : أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ ؟
قَالَ : بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ.
قَالَ : فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ، فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ،
فَيَقُولُ اللَّهُ : دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ.
فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ : وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا ؛ فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ.
فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ .
قال ابو كندا وضحك الرسول ﷺ هو إقرار لطريقة تصوره.
فاذا رأيت في بحثي هذا ، طريقة ابو هريرة فخذه ولا تتردد فيه، وان رأيت طريقة ابن سلام فقد يكون خطأ لفهمي الامور على بيئتي وثقافتي، حتى لو قلت اشار لها الرسول ﷺ ، فكلمة ( أشار ) اقصد به ليس هناك نص صريح، واما ان رأيت طريقة الاعرابي ، فهو مبني على تصوري للأمور لذلك هو ليس علم قطعي.

اتمنى بعد ذكر دليل انتشار قصص بني اسرائيل في اخر زمن الصحابة ، ان يتضح لك ما اقصده من قاعدتي الذي سأبني عليها هذا البحث ،
وهو ان الامور الغيبية تتطلب قاعدة < لا اقبل قولا الا ماقاله الله >.
———-
كتبه
ماجد بن محمد العريفي