كتاب الجنائز من صحيح مسلم جمع فيه مسلم مئة وسبعون حديثا من غير روايات الاحاديث.

اذا قرأت هذه الاحاديث سيتضح لك أن من لم يصبه الحزن أمام قومه بوفاة ابنه او أخيه حتى ولو كان في الجهاد، فإن به مرض إما حسي او معنوي، فالرسول ﷺ حزن على حمزة حتى كاد ان يمثل بالمشركين كما مثلوا به، مع أن حمزة رضي الله عنه استشهد في احد.

وعن عائشة تقول: لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف فيه الحزن،

بل أن الرسول ﷺ لم اشتكى سعد بن عبادة شكوى له زاره، فلما دخل عليه الرسول ﷺ وجده في غشية، فقال: «أقد قضى؟» قالوا: لا، يا رسول الله فبكى رسول الله ﷺ فلما رأى القوم بكاء رسول الله ﷺ بكوا، فقال: «ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا – وأشار إلى لسانه – أو يرحم».

ورفع النبي ﷺ صبي ونفسه تقعقع كأنها في شنة، ففاضت عينا الرسول ﷺ فقال له سعد: ما هذا؟ يا رسول الله قال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء».

اعلمُ أن التجلد واظهار عدم الحزن أمام العدو مطلب لكن اظهار الفرح والابتسامة أمام قومه لا اجد له تفسير إلا أن به بلى.

ياسادة ياكرام تحدث مسلم في كتاب الجنائز عن تلقين الموتى، ومايقال عند المصيبة، وما يقال عند المريض والميت واغماض الميت وشخوص بصره، والنهي الشديد عن النياحة، ونهي النساء عن زيارة القبور، وكيف امر النساء عندما اردن ان يغسلوا ابنته عليه الصلاة والسلام، وكفن الميت، وسجيته وتحسين كفنه والاسراع بالجنازة، وفضل الصلاة على الجنازة.

وعندما بلغت باب :- فيمن يثنى عليه خير او شر من الموتى،

قرأت حديث أنس بن مالك، قال: مر بجنازة فأثني عليها خيرا، فقال نبي الله ﷺ «وجبت، وجبت، وجبت»، ومر بجنازة فأثني عليها شرا، فقال نبي الله ﷺ «وجبت، وجبت، وجبت»، قال عمر: فدى لك أبي وأمي، مر بجنازة، فأثني عليها خير، فقلت: «وجبت، وجبت، وجبت»، ومر بجنازة، فأثني عليها شر، فقلت: «وجبت، وجبت، وجبت»؟ فقال رسول الله ﷺ «من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض».

قال العلامة عبدالعزيز الراجحي معلقا على هذا الحديث فيه دليل على من ان اظهر الشر او البدعة او الفسوق او الكفر فلا غيبة له حيا او ميتا ، ومثله حديث كل “امتي معافى الا المجاهرين” ويكون هذا مستثنى من نصوص النهي عن الغيبة ومستثنى من حديث “لا تسبوا الاموات فإنهم افضوا الى ما قدموا” يستثنى من هذا من اظهر الشر ، او البدع او الفسوق فإنه يذكر بما فيه ، تحذيرا من شره .

اصدقكم القول هذا الحديث اوقفني كثيرا فقد كنت اتحرج من ذكر اهل الفسوق بفسقهم عملا بحديث “لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا مُتفحشا، وإنه كان يقول: إن خيارَكم أحاسنُكم أخلاقًا البخاري

كنت اعد هذا من حسن الخلق وأأسف على من يذكر اهل الفسق بفسقهم المعلن، وأنافح لأسكات الناس عن ذكرهم بفسقهم.

تعودت على ذلك مدة من الزمن ليست بسيطة فأتاني دليل يناقض ذلك- لكم ان تتخيلوا شعوري في هذه الحالة- نازعتني نفسي في ذلك عدة مرات بعدة تساؤلات ، والعلامة عبدالعزيز الراجحي بعيد عني فلا استطيع ان استزيد توضيحا في المسئلة،

الحاصل اني سلمت بالأمر فالدليل قاطع.

فلما التقيت بعبد السلام الشويعر، وهذا العالم ترتاح له نفسي لبشاشته وتواضعه وحبابته،

واما عقلي فهو معجب به لأن هذا العالم تعلم على يد العلماء الكبار امثال ابن باز والغديان وغيرهم من العلماء،

تعلم منهم بثني الركب في المساجد والمجالس الخاصة بالعلماء فلم يكتفي بالجامعة وشهاداتها.

قلت لعبد السلام الشويعر هل يجوز لي ان اغتاب الفاسق؟ وذكرت له الحديث وتعليق العلامة عبدالعزيز الراجحي فقال لي انتظر لحظة فسكت وهو مبتسم، يحاول يسترجع الحديث ويستنبط الدليل، ثم قال لي نعم يجوز ذكر فسق الفاسق المشتهر بفسقه، فإن كان سارق وهو معترف بسرقته ويفتخر بها فلو قلت عنه سارق ليس بغيبة وكذلك الزاني والشارب، ولكن لا ينبغي لك ان تشتمه بغير ما فيه او تذكر شيئا ليس فيه.

كتبه

ماجد بن محمد العريفي

3-3-1439

21-11-2017