قالوا أن الأخذ من اللحية لا يجوز إلا في حالة واحدة اذا تحلل من عمرة او حج، مع ان هناك اربعين حديث في الامر بإعفاء اللحية وعدم الأخذ منها .
وقالوا الكذب حرام بالأدلة والنصوص الكثيرة الدالة على حرمته، الا في حالات ثلاث، مع ان الرسول ﷺ قال “المؤمن لايكذب”،
وقالوا الغيبة من الكبائر إلا انها محلله في الشرع في خمس حالات ، ومع ذلك ضاقت بهم هذه الحالات فزادو حالة سادسة واخترعوا لها حديث عن الرسول ﷺ وقالوا “لا غيبة لفاسق”
ثم قالوا ان الأغاني حرام وليس فيها حالات استثنائية!!!
وحتى لا تدخلك الوساوس وسوء الظن فيني ، أقول لك أنا أؤمن بقول الشرع أن المعازف حرام لقول النبي ﷺ « ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف”
فكلمة يستحلون يدل على أنه حرام.
لكن أليس له حالات يجوز فيها كما يجوز في حالات الكذب والغيبة والأخذ من اللحية؟
هذا السؤال طرح نفسه على عقلي بعد سماعي شرح كتاب صلاة العيدين من صحيح مسلم.
فقد ذكر عن عائشة، قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار، تغنيان بما تقاولت به الأنصار، يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله ﷺ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله ﷺ «يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا».
تأملت الحديث وبدأت اتصوره مستخدما كميرا خيالي، قالت عائشة :
“دخل علي ابو بكر” اذاً دخل عليها في بيتها ، وبيتها كما تعلمون صغير ملاصق للمسجد ، صورت لنا عائشة رضي الله عنها، صورة عامة عن موقع الحدث.
“وعندي جاريتان من جواري الأنصار” – أي فتاتان حرتان من بني الانصار -.
“تغنيان بما تقاولت به الأنصار” – اي تغنيان بقصائد قيلت في الفخر والشجاعة والمدح وذكر مآثر العرب-
“ليستا بمغنيتين”- اي لم يحترفا الغناء، ولم يكن هذا عملهن إنما هن يغنيان فرحا بالعيد، كأي أنثى عندما تفرح- استطاعت عائشة بهذا الاستدراك ان تصور لنا الموقف بوضوح كما هو ، فالحس التصويري للمواقف عند النساء اجود بكثير من الرجال.
ثم قالت” فقال أبو بكر: أبمزمور الشيطان” -وهذا دليل على ان مزامير الشيطان كانت معروفة عند الصحابة في عهد الرسول ﷺ انها منكرة، لذلك انكر أبو بكر على ابنته عائشة-.
“في بيت رسول الله ﷺ” وهذا دليل على هول المنكر فهو في بيت الرسول ﷺ وهو اتقى الناس واخشى الناس لربه، ومع ذلك يكون فيه مزامير الشيطان!!!-
فقال رسول الله ﷺ «يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا». -اليس هذا فيه استثناء للأغاني في الأعياد-
فالذي قال ” يستحلون الحر والحرير والمعازف” هو الذي قال ” لكل قوم عيدا وهذا عيدنا”
بل أن حديث حديث العيد الذي في مسلم اصح من حديث يستحلون المعازف.
لأن حديث صحيح مسلم موافق شروط الصحة التي وضعها مسلم لكتابة
واما حديث يستحلون الحر والحرير والمعازف لم يتفق مع شروط البخاري لصحيحه فذكره معلقا من دون اسناد، إشارة الى أنه صحيح لكن لايوافق شروطه.
وهذه رواية اخرى ذكرها مسلم في صحيحة، وهذه ميزة صحيح مسلم التي تفوق بها على صحيح البخاري.
ومعنى ذلك بلغة هذا العصر اي انه يصور المشهد او الحادثة من عدة اتجاهات.
عن عائشة، أن أبا بكر، دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى، تغنيان وتضربان، ورسول الله ﷺ مسجى بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف رسول الله ﷺ عنه، وقال: «دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد»
وقالت: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه، وأنا أنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون وأنا جارية، فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن»
تأملوا هذا الحديث ايها السادة والفضلاء وتصوروه انتم في كميرات خيالكم ، لأني لن اتصوره لكم، أسلم لي ولكم.
ولكن ركزوا على كلام الرسول ﷺ ” دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد» لم يقل عليه الصلاة والسلام أحسنت يا أبا بكر أسكتهم فكيف يفرحن ويغنين والمسجد الأقصى محتل من الروم ، كيف يفرحن ويضربن ويغنين والاسلام لم ينتشر في اقطاب العالم.
وركزوا ايضا الى قول عائشة ” فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن» قال النووي ” معناه أنها تحب اللهو والتفرج والنظر إلى اللعب حبا بليغا وتحرص على إدامته ما أمكنها ولا تمل ذلك إلا بعد زمن طويل
ثم قال النووي “وقولها (فاقدروا ) أي قدروا رغبتها في ذلك إلى أن تنتهي أي قيسوا قياس أمرها في حداثتها وحرصها على اللهو”
ثم قال ” وقولها (العربة )معناها المشتهية للعب المحبة له”.
وهاكم رواية اخرى ذكر مسلم في صحيحه عن عائشة، قالت: دخل رسول الله ﷺ وعندي جاريتان، تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله ﷺ فأقبل عليه رسول الله ﷺ فقال: «دعهما»، فلما غفل غمزتهما فخرجتا، وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت رسول الله ﷺ وإما قال: «تشتهين تنظرين؟» فقلت: نعم، فأقامني وراءه، خدي على خده، وهو يقول: «دونكم يا بني أرفدة» حتى إذا مللت، قال: «حسبك؟» قلت: نعم، قال: «فاذهبي»
“خدي على خده” ارأيتم سماحة هذا الدين وسعة افقه عندما تتلقاه من مصادره ، أما عندما تتلقاه من المختصرات للأسف يضيق عليك هذا الافق بحسب طباع من قرأت مختصره.
خذوا هذا الحديث وإن اطلت عليكم ذكر مسلم في صحيحه عن عائشة، قالت: «جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي ﷺ فوضعت رأسي على منكبه، فجعلت أنظر إلى لعبهم، حتى كنت أنا التي أنصرف عن النظر إليهم».
قال محمد فؤاد عبد الباقي
“قوله (يزفنون) معناه يرقصون وحمله العلماء على التوثب بسلاحهم ولعبهم بحرابهم على قريب من هيئة الرقص”.
صورت عائشة لنا وقفتها مع الرسول ﷺ في ثلاث لقطات، أتمنى أن تأخذ هذه القطات وتدمجها ببعض لترى الصورة كاملة وهي
” يسترني بردائه”
” فوضعت رأسي على منكبه ”
“خدي على خده”
هل تصورتم الموقف في صورته الكاملة
هل اخذتم من هذه الصورة حكم خاص بالنساء؟
اتمنى ذلك.
وهذه رواية اخرى للعب الرجال في العيد بتصوير رجل كان من أهل الصفة، ذكر مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، قال: بينما الحبشة يلعبون عند رسول الله ﷺ بحرابهم، إذ دخل عمر بن الخطاب، فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها، فقال له رسول الله ﷺ «دعهم يا عمر».
رسول الله ﷺ يقول دعهم ياعمر، فلماذا لا تدعوهم يا مسلمين يفرحون بعيدهم
كتبه
م م ع
يوم الثلاثاء 4-2-1439
24-10-2017