الرسول ﷺ -2-
لما توفي عبد المطلب كان عمر الرسول ﷺ حينها ثمان سنوات فكفله عمه ابوطالب شقيق ابيه ، وكان سن ابي طالب حينها ثمان وثلاثين سنة تقريبا.
حينها لم يكن له ولد الا “طالب ” وعمره عشر سنين تقريبا، و”عقيل ” رضيع، – مع اني رأيت بعض العلماء يذكرون ان عقيلا اكبر اولاد ابي طالب، فإن صح قولهم ، يدل ان ابا طالب بلغ الثمان والثلاثين ولم يكن له ولد يستعين به ويعضده عندما كفلا محمد ﷺ ولهذا زاد حبه له- .
كان أبو طالب لا مال له. وكان يحب الرسول ﷺ حبا شديدا لا يحبه ولده.
وعندما كان عمر النبي ﷺ مابين التاسعة الى الثاني عشر، اراد ابو طالب ان يخرج في ركب الى الشام تاجرا، فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير تعلق الرسول ﷺ بزمام ناقة ابو طالب وقال: ياعم إلى من تكلني لا أب لي ولا أم؟ فرق له أبو طالب وقال: والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا.
فخرج به معه، فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام، وبها راهب يقال له بحيرا في صومعة له، وكان أعلم أهل النصرانية.
فقال الراهب بحيرا لأبي طالب ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني، قال له بحيرا: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا، قال: فإنه ابن أخي، قال: فما فعل أبوه؟
قال: مات وأمه حبلى به، قال: صدقت، ارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه اليهود، فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شراً، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن فأسرع به إلى بلاده، فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام.
قدر الله عز وجل قلة المال على ابي طال لحكمة يعلمها، مع ان ابا طالب كان سيد قريش في ذاك الوقت.
فاضطر النبي ﷺ وهو صبي ان يرعى الغنم ليساعد عمه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم»، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: «نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» البخاري
-والقيراط في الوزن وزن ثلاث قمحات من الذهب، والقيراط في القياس والعدد هو جزء من أَربعة وعشرين-
قال ﷺ ” والسَّكينةُ والوقارُ في أهلِ الغنمِ”
تعلم النبي ﷺ السكينة والوقار والرحمة من رعاية الغنم ، وعرف عنه الناس الصدق والامانة في تعامله معهم في الحفاظ على اغنامهم.
فالعرب لاتطلق الصفة للشخص سبهللا او جزافا، لاتطلق الصفة للشخص الا اذا رأته تحلا بها في وقتها او في جميع اوقاته، وتكررت المواقف عليه وتكرر منه نفس الصفة، -وكل صفة تختلف حاجتها ومواقفها عن الصفات الأخرى-،
فالشجاعة لا تظهر الا في اوقات يجبن فيها كثير من الناس، والكرم لا يظهر الا في وقت الجوع والفقر فيشتد بخل في الناس ،
فلم يعرف عن العرب انها اطلقت صفه على رجل من موقف واحد فقط.
فعندما اطلق اهل مكة على الرسول الصادق الأمين لأنهم رأوا هذه الصفات فيه عندما تعاملوا معه في احنك الظروف.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: إن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم، ثم سألوه، فأعطاهم، ثم سألوه، فأعطاهم حتى نفد ما عنده، فقال: «ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر» البخاري
كتبه
ماجد بن محمد العريفي
الخميس 18-11-1438هـ
10-8-2017
عرعر