بعد استماعي الى شرح مقاصد الشريعة لسعد الشثري في اربع ساعات تقريبا، -وكان الشرح بسيط وجميل-قررت ان ابدء في التطبيق العملي لعلم اصول الفقه، خصوصا اني استمعت لتعليق ابن جبرين على كتاب الورقات في بيته ، وقرأت شرح عبدالكريم الخضير للورقات وقرأت الاصول من علم الاصول ، هذا غير دراستي في الجامعة لاصول الفقه.
فلما بدأت التطبيق اكتشفت ان علم اصول الفقة يضعه بعض الناس محل “المشرع للحلال والحرام ” وليس القران والسنة.
وسأذكر لكم مثال واحدا شاهدا على ذلك لكي لا أطيل عليكم .
وهو لا يجوز للمؤذن والامام ومعلم القران أخذ أجر على ذلك .
والأدلة هي:
1- عن عثمان بن ابي العاص رضي الله عنه قال “إنَّ من آخرِ ما عَهِدَ إليَّ رسولُ اللَّهِ ﷺ أن اتَّخِذْ مؤذِّنًا لا يأخذُ على أذانِهِ أجرًا” . اخرجه الترمذي وصححه الالباني.
2- وعن عبدالرحمن بن شبل رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ ” اقرؤوا القرآنَ و اعملوا به ، و لا تَجْفُوا عنه ، و لا تغْلوا فيه ، و لا تأْكلوا به ، و لا تسْتَكثروا به ” رواه احمد والطبراني ،صححه الالباني .
“ولا تأكلوا به ” هذا نهي والأصل في النهي التحريم ، والذي لا يؤم الناس إلا بالأجرة داخل في عموم هذا.
“و لا تستكثروا به” اي لا تجعلوه سببا للاكثار من الدنيا .
3- وحديث عمران بن حصين – رضي الله عنهما – أنه مر على قاص يقرأ ثم يسأل .
فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله ﷺ يقول:[ من قرأ القرآن فليسأل الله به فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس].رواه أحمد والترمذي وحسنه الالباني
4- وعن عُبادةَ بنِ الصَّامتِ رضي الله عنه، قالَ : علَّمتُ ناسًا من أَهْلِ الصُّفَّةِ الكتابَ ، والقرآنَ فأَهْدى إليَّ رجلٌ منهم قَوسًا فقلتُ : ليسَت بمالٍ وأرمي عنها في سبيلِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ ، لآتينَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ فلأسألنَّهُ فأتيتُهُ ، فقلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ، رجلٌ أَهْدى إليَّ قوسًا مِمَّن كنتُ أعلِّمُهُ الكتابَ والقرآنَ ، وليسَت بمالٍ وأرمي عنها في سبيلِ اللَّهِ ، قالَ : إن كُنتَ تحبُّ أن تطوَّقَ طوقًا مِن نارٍ فاقبَلها” . اخرجه ابو داود وصححه الالباني.
يريد ان يستخدم القوس للمصلحة العامة وهي الرمي بها في سبيل الله ومع ذلك لم يحللها الرسول ﷺ له بل ذكر انها ستكون طوقا من نار.
5- وعن يحيى البكالي قال : سمعت رجلا قال لابن عمر رضي الله عنهما “إني لأحبك في الله” ، فقال له ابن عمر رضي الله عنهما “إني لأبغضك في الله” ، فقال “سبحان الله أحبك في الله وتبغضني في الله؟! قال : نعم ، إنك تسأل عن أذانك أجرا
قال صاحب تحفة الاحوذي ” وفتيا ابن عمر التي مرت لم يخالفها أحد من الصحابة كما صرح بذلك اليعمري ، كذا في النيل ”
6- وقد بوب البخاري منبها على اثم من تأكل بالقرآن فقال
باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به أو فخر به
7- قال ابو بكر ابن المنذر “لَا يَجُوزُ لِلْمُؤَذِّنِ أَخْذَ الْأَجْرِ عَلَى أَذَانِهِ لِحَدِيثِ عُثْمَانَ فَإِنْ أَخَذَ مُؤَذِّنٌ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا لَمْ يَسِعْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ السُّنَّةَ مَنَعَتْ مِنْهُ،
فَإِنْ صَلُّوا بِأَذَانِ مَنْ أَخَذَ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا فَصَلَاتُهُمْ مُجْزِيَةٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ غَيْرُ الْأَذَانِ وَلَيْسَتِ الْإِمَامَةُ كَذَلِكَ، أَخْشَى أَنْ لَا تُجْزِئَ صَلَاةُ مَنْ أَمَّ بِجُعْلٍ، كَمَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: أَخْشَى أَنْ لَا تَكُونَ صَلَاتُهُ خَالِصَةً لِلَّهِ”
8- قال ابن القيم ” { وَسَأَلَهُ ﷺ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ، فَقَالَ : رَجُلٌ أَهْدَى إلَيَّ قَوْسًا مِمَّنْ كُنْتُ أُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْقُرْآنَ ، وَلَيْسَتْ بِمَالٍ ، وَأَرْمِي عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ إنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ تُطَوَّقَ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا } .
وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ { إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ } فِي قِصَّةِ الرُّقْيَةِ ؛ لِأَنَّ تِلْكَ جَعَالَةٌ عَلَى الطِّبِّ ؛ فَطَبَّهُ بِالْقُرْآنِ ، فَأَخَذَ الْأُجْرَةَ عَلَى الطِّبِّ ، لَا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ ، وَهَهُنَا مَنَعَهُ مِنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ : { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا } وَقَالَ تَعَالَى : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ } وَقَالَ تَعَالَى : { اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا } فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَبْلِيغِ الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ “.
فيأتي علم اصول الفقه ويعطل كل هذه الادلة الصريحة الصحيحة ويرى جواز الأجر بحجة المصلحة تقتضي ذلك.
لست ادري ما اقول!!!!؟؟؟
كيف يغيرون حكم الله!!!!بحجة المصلحة؟!!! ،
أهم اعلم من الله بالمصلحة ؟!!!
اجاز بعض العلماء الأجر اذا قام شخص واحد بالإمامة والأذان والقيام بشؤون المسجد على ان يكون متفرغ للمسجد، واستدلوا بقصة ابي بكر رضي الله عنه عندما تولى الخلافة وذهب الى السوق يحمل الأثواب على كتفيه فيبيع ويشتري فلقيه عمر وابوعبيدة رضي عنهما، فقالا له: ما هذا الذي تصنعه وقد وليت أمر المسلمين ؟
فأجاب أبو بكر رضي الله عنه: فمن أين يأكل عيالي ؟
فقال له عمر وأبو عبيدة رضي الله عنهما: سنفرض لك- اي سيعطونه راتب لتفرغه لأمور المسلمين-
موقف ابوبكر رضي الله عنه يعتبر دليل على جواز اخذ الاجر والمكافئة بشرط ان يتفرغ للمسجد كليا ويقوم بالأعمال كلها.
أيها المؤذنين العظماء ايها الأئمة الكرماء ايها المعلمين للقران الأخيار، اتفهم شعوركم بعد قراءة احاديث الرسول ﷺ في النهي عن اخذ الأجر، واتفهم غضبكم علي، واتفهم ردة فعلكم في البحث عن عيوبي الكثيرة ونشرها حتى ينشغل الناس بعيوبي عن احاديث النهي، فأرجو ان تتفهموا أني لم أأتي بشيء من كيسي كل ما أتيت به قاله الرسول ﷺ والرسول لا ينطق عن الهوى انما هو وحي يوحى. واذكركم بقول الله عز وجل ” وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا 0 وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ”.
اعود الى اصول الفقه واقول ينبغي علينا ان نحد من استخدام اصول الفقه لان اصول الفقه اساسها العقل ومبنية عليه وديننا يؤخذ بقال الله وقال رسوله.
والرسول وهو الرسول عليه الصلاة والسلام لا يستطيع ان يحرم شيء احله الله عز وجل ،
فبعد فتح خيبر اكل بعض الصحابة رضي الله عنهم الثوم فَقَالَ الرسول ﷺ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ شَيْئًا، فَلَا يَقْرَبَنَّا فِي الْمَسْجِدِ» فَقَالَ النَّاسُ: حُرِّمَتْ، حُرِّمَتْ، فَبَلَغَ ذَاكَ النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ بِي تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لِي، وَلَكِنَّهَا شَجَرَةٌ أَكْرَهُ رِيحَهَا» مسلم
ولو اعطي اصول الفقه المجال في الثوم لحرم اكلها وبيعها وزراعتها لأنها تصد عن مساجد الله.
فاتقوا الله فينا ولا تسمحوا لاصول الفقه أن يعارض كلام الله او كلام رسوله
كتبه
ابو محمد
يوم السبت 6 ذو القعدة 1438هـ