” من نيكولا مكيافيلّي الى لورنزو الابن العظيم لبيرو دي ميديشي….

أود أن اهدي سموكم شيئا متواضعا يدل على اخلاصي لكم ، ولم أجد فيما املك ما هو أغلى من معرفتي بأعمال ومنجزات عظماء الرجال ، وهي معرفة اكتسبتها من خلال تجربة طويلة مررت بها وقد صاحبها العديد من الاحداث اضافة الى مادرسته حول ماحدث في الماضي.

وبعد تفكير عميق وبذل الكثير من الجهد في دراسة ، وتأمل منجزات العظماء ، أهدي سموكم اليوم ما توصلت إليه من نتائج، وقد وضعتها في هذا الكتاب الصغير…

فهو يمكن سموكم من التعرف في وقت قصير على كل ما اكتسبته طوال حياتي ، وما تحملت من أجله الكثير من الأخطار والفقر طوال سنوات عمري 

ولوتفضلتم سموكم بإلقاء نظرك على هذا الكتاب.”
وسموه العظيم لم يلقي نظرة على الكتاب ولم يلتفت اليه، -وأظن أني لو كنت مكان سموه العظيم لما نظرت الى هذا الكتاب ولم آبه به، بل سأصفق الكتاب في وجهه-

-فرجل كرس حياته جلها لمحاربة “جَدّي”- لورينزو دي ميديشي- والخروج عليه والإطاحة بحكمه وحكم عائلتي “دي ميديشي”العريق ومصادرة املاكنا – 

يرسل لي كتاب وهو في المنفى، يعلمني فيه كيف احكم!!!!!ماهذه البجاحة!!!!

لماذا لم تطبق ما ارسلته لي عندما اطحت بحكم “جدي” واستبدلته بشلة من الكتاب والمفكرين والقساوسة والوجهاء كنت انت من ضمنهم؟!!!!

كيف القي نظرة في كتابك وقد رأيت افعلاك ونتائجها ، عثتم في الارض فسادا بلجان المحاكمات الشعبية فكم من مظلوم اعدمتموه لمخالفته أهوائكم واطماعكم الباطنة ، فلجانكم كانت تحكم بالشك فقط لا دليل ولا منطق كل ما في الامر ان اللجنة شكت فقررت فأعدمت احتياطا، -سدا لذرائع- ، 

اصبح كل من يريد ان يصفي حسابه مع شخص يرسل اسمه للجنة مع توصية واللجنة تقوم بذلك، فكانت النتيجة تمزق الدولة وضعفها وكثر الطامعين فيها بعد ان كانت عظيمة، ودب الخوف في شعبها وهاجار التجار فضعف الاقتصاد!!!!!

 وها أنت الان ترسل إلي الهدية بعد ان اسقطكم واسترديت حكم اجدادي تستعطفني لأسمح لك ان تعود من المنفى.
كان ماكيافيلي يعيش في ظل دولة عظيمة من طبقة سياسية وعائلة عريقة فوالده كان من المحامين النبلاء ، كان الجو السياسي بالنسبة له جو مألوف ، وكحال المفكرين الفاضين اشغل نفسه في الدعوة الى النظام الجمهوري كان لا يريد السلطة تكون في رجل واحد ، وتحقق له ما اراد واصبحت السلطة في عدة اشخاص واصبح من هؤلاء الاشخاص فشارك في الحكومة وتقلد منصب سكرتيرًا للمستشارية الثانية لجمهورية “فلورنسا” وهي تشرف على الشئون الخارجية والعسكرية. وقد استمر “ماكيافيللي في الحكم ثلاثة عشر عامًا.

وبعد تجربة الحكم الجمهوري كتب ماكيافيلي كتاب يُعلم فيه الامير كيف يحكم الجمهور !!!! 

هل تخلا ماكيافيلي عن مبادئه !!!! ام بدى له خطة أخرى !!!! او فكر جديد!!!! لا احد يعلم لماذا خالف ماكيافيلي افكارة التي كان يدعو لها!!!!!

نعود الى الكتاب ، توفي الملك فلم يسعفه الوقت لقراءة الكتاب ، فتولت الكنيسة ادارة الحكم فعليا عن طريق بابا الفتيكان كليمنس السابع جوليو دي جوليانو دي ميديشي وهو من عائلة دي ميديشي فأخفى الكتاب عندما قرأة ، وتضايق ماكيافيلي لما احس ان البابا لم يقرأه ولم يكافئه بوضعه في منصب حكومي،وتوفي ماكيافيلي سنة 1527م

حظر بلاط روما تداول الكتاب وحرم الاطلاع عليه ونشر افكاره، فانتشرت عن الكتاب شائعات وافكار شريرة ليست في الكتاب فاضطر البابا بالسماح بنشره بعد وفاة مؤلفه بخمس سنوات ، فخرج الكتاب في ستة وعشرين فصل تحدث فيها عن الحاكم كيف يحكم الشعب اذا كان وريث شرعي وكيف يحكم اذا اخذ الحكم بالقوة، وكيف يتعامل مع الجمهور اذا كانوا بنفس ديانته ولغته وعادته واذا اختلفت لغتهم وديانتهم وعاداتهم ماذا يفعل، وتحدث عن كيفية اختيار المستشارين وما صفاتهم، وكيف يرضي قادة الجيوش دون ان يخسر الجمهور ، وتحدث عن كيفية استخدام الدين والاخلاق الكريمة لجذب قلوب الجمهور ، وكيف يتخلا عن هذا كله اذا اضطر الى ذلك ، كان يرى أن الغايات السامية تبرر الوسائل ايا كانت ، فمثلا لابد اذا حكمت ان تقتل وتعدم جميع سلالة من كان يحكم قبلك ، ولا ينبغي لك ان توفي بالعهود اذا تغيرت المصلحة، فالغاية اهم من الاخلاق والدين،وغير هذا من الامثلة.

طريقة الكتاب يذكر عنوان الفصل ومن ثم يذكر توجيهاته ويستدل عليها بقصص تاريخيه، فلن تفهم الكتاب جيدا حتى تعرف تلك القصص التاريخية .

واختلف في هدفه ، 

منهم من قال اعتبر ميكافيلي في البداية، الجمهورية نظاما امثل للحكم. لكن بعد تحليله للاوضاع القائمة في ايطاليا التي كانت في عهده مقسمة علي خمس دول هي مملكة نابولي في الجنوب ودوقية ميلان في الشمال الغربي وجمهورية البندقية الارستقراطية في الشمال الشرقي وجمهورية فلورنسة والدولة البابوية في الوسط، والتي كانت علاقاتها تتسم باستفحال الحروب والخلافات فيما بينها مما جعل كل الوطن هدفا سهلا للغزو الاجنبي المستمر، توصل ميكافيلي في الامير الي الاستنتاج بأن خير نظام يمكنه تحقيق وحدة ايطاليا والذود عنها هو ذلك النظام الذي يستند الي سلطة مركزية دكتاتورية مطلقة قوية لا تقف في سبيلها الاعتبارات الدينية والدنيوية والاخلاقية، فان مصالح الدولة العليا، وبوجه خاص وحدة البلاد، تبرر رأيه لجوء الامير الي جميع السبل.

ومنهم من قال انه كان يتملق الامير ليعطيه منصبا

من عام 920هـ انتشر هذا الكتاب بين المفكرين والسياسيين بل درس في الجامعات ووضع من امهات كتب السياسة 

قال مترجم الكتاب – أكرم مؤمن- “واصبح مرجعا اساسيا لكثير من قادة العالم بعد الثورة الصناعية” .

وقال “يقال ان موسيليني قد اختارة موضوعا لرسالة الدكتورة أيام دراسته، وكان هتلر يضع هذا الكتاب على مقربة من سريرة ويقرأ فيه كل ليلة قبل ان ينام”.

وقرأت في الانترنت ” يفتخر الرئيس باراك أوباما بامتلاكه نسخة من الكتاب، وكذلك يفعل ديكتاتور كوريا الشمالية كيم يونغ لي. كما أن كتاب «الأمير» هو الكتاب المفضل لكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الياباني شينزو أبه”

لا اعلم عن صدق هذا كله ولكني اعلم بعد ما قرأت هذا الكتاب ان الاحزاب الدينية والسياسية تطبق مافي هذا الكتاب.
كتبه ماجد بن محمد العريفي وهو ليس في قواه العقلية 

يوم الاحد 24-9-1438هـ

17-6-217