مختصر التوضيح لشرح الجامع الصحيح الحديث ٢٢
باب تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِى الأَعْمَالِ
٢٢ -عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضى الله عنه ، – عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: “يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ. فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَا -أَوِ الْحَيَاةِ، شَكَّ مَالِكٌ- فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً؟ “. قَالَ وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرٌو “الْحَيَاةِ”. وَقَالَ: “خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ”.
*********
١- المثقال: وزن مقدر، والله أعلم بقدره، وليس المراد المقدر، المعلوم، فقد جاء مبينًا، “وكان في قلبه من الخير ما يزن بُرَّة”
٢- الحبة من الخردل هنا مثل؛ ليكون عيارًا في المعرفة، وليس بعيار في الوزن؛ لأن الإيمان ليس بجسم يحصره الوزن أو الكيل، ولكن ما يشكل من المعقول فإنه يرد إلى عيار المحسوس؛ ليفهم، قاله الخطابي .
٣- المراد بحبة الخردل: زيادة عَلَى أصل التوحيد، وقد جاء في الصحيح بيان ذَلِكَ. ففي رواية فيه: ” (فأَخْرِجوا) من قالَ: لا إله إلا الله وعمل من الخير ما (يزن) كذا” ثمَّّ بعد هذا يخرج منها من لم يعمل خيرًا قط غير التوحيد .
قَالَ القاضي: هذا هو الصحيح أن معنى الخير هنا أمر زائد عَلَى الإيمان؛ لأن مجرده لا يتجزأ، إنما يتجزأ الأمر الزائد عليه، وهي الأعمال الصالحة من ذِكْرِ خفي، أو شفقة عَلَى مسكين، أو خوف من الله، ونية صادقة (في) عمل وشبهه. بدليل الرواية السالفة. وذكر القاضي عن قوم أن المعنى في قوله: “من إيمان ومن خير” وما جاء معه أي: من اليقين .
٤- (الحيا) المراد: كل ما يحيا به الناس، والحيا: (المطر، والحيا: الخصب)، فيحيون بعد غسلهم فيها فلا يموتون، وتخصب أجسامهم.
٥- الحِبَّة -بكسر الحاء وتشديد الباء-، وهي: اسم لبذر العشب، هذا هو الصحيح من الأقوال.
٦- فإن قُلْتَ: لم شبههم في الحديث بالحبة؟ قُلْتُ: (لأوجه) بياضها، وسرعة نباتها لأنها تنبت في يوم وليلة، وهو أسرع النبات، ومن حيث ضعف النبات.
٧- في الحديث أنواع من العلم منها ما ترجم له، وهو تفاضل أهل الإيمان في الأعمال، فإنه المراد من: “خير” كما سلف.
٨- ومنها إثبات دخول طائفة من عصاة الموحدين النار، وقد تظاهرت عليه النصوص، وأجمع عليه من يعتد به.
٩- ومنها إخراجهم من النار، ومنها أن أصحاب الكبائر لا يخلدون في النار، وهو مذهب أهل السنة خلافًا للخوارج والمعتزلة . وقد تظاهرت دلائل الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة على ما ذكرناه عن أهل السنة،
١٠- ومنها أن الأعمال من الإيمان لقوله – صلى الله عليه وسلم -: “خردل من إيمان”. والمراد: ما زاد عَلَى أصل التوحيد كما أسلفناه.
اختصره ماجد بن محمد العريفي
يوم الاربعاء ٢٧-٧-١٤٣٧هـ