باب حَلاَوَةِ الإِيمَانِ
١٦ – عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: “ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ للهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ”.
***********
١- هذا الحديث أخرجه البخاري قريبًا -اي في باب اخر من كتاب الايمان-

وأخرجه أيضًا في الإكراه.
٢- وهو حديث عظيم أصل من أصول الإسلام، وأصله من كتاب الله تعالى قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} .. إلى قوله تعالى: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ}، ثمَّ هدد عَلَى ذَلِكَ وتوعد بقوله: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ} .
٣- وخص هذِه الثلاثة بالذكر؛ لأنها لا توجد إلا ممن تنور قلبه بنور الإيمان واليقين؛ فانكشف لَهُ الأحوال.
٤- قوله “حلاوة الإيمان”.

استلذاذ الطاعات، وتحمل المشاق في الله تعالى ورسوله، وإيثار ذَلِكَ عَلَى أغراض الدنيا.
٥- محبة العبد لربه -سبحانه وتعالى- تحصل بفعل طاعته وترك مخالفته، وكذلك محبة رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، وهي التزام شريعته.

قَالَ القاضي عِياض: ولا تصحُّ محبة الله تعالى ورسوله حقيقة، وحب المرء الأذى في الله وكراهة الرجوع إلى الكفر إلا لمن قوي بالإيمان يقينه، واطمأنت به نفسه، وانشرح لَهُ صدره، وخالط لحمه ودمه، وهذا هو الذي وجد حلاوة الإيمان، والحب في الله من ثمرات حب الله تعالى.
٦- قَالَ بعضهم: المحبة مواطأة القلب على ما يرضي الرب سبحانه، فنحب ما أحب، ونكره ما يكره. ونظم هذا المعنى محمود الوراق فقال:

تعصي الإله وأنت تظهر حُبَّه … هذا محال في القياس بديعُ

لو كان حبُّك صادقًا لأطعته … إن المحبَّ لمن يحبُّ مطيعُ
٧- عبر – صلى الله عليه وسلم – بقوله: “مما سواهما” دون من سواهما لعموم ما.

وما سواهما: هو جميع المخلوقات من ملك ونبي وغيرهما.
٨- فيه الحث عَلَى المحبة في الله تعالى والإخلاص فيها.
٩- وقد قَالَ مالك وغيره: المحبة في الله من واجبات الإسلام.
١٠- “يعود في الكفر” والمعنى أن هذِه الكراهة إنما توجد عند وجود سببها، وهو ما دخل قلبه من نور الإيمان، وكشف لَهُ عن المحاسن والطغيان، 
١١- ومعنى “يقذف في النار”: يصير فيها عافانا الله منها ومن كل البلاء.

اختصره ماجد بن محمد العريفي

يوم السبت٢٣-٧-١٤٣٧هـ