ارسلت مرة عبارات استحسنتها من كتاب ” اداب النفوس للمحاسبي” فأتتني وسائل من اخوة فضلاء بالتحذير من “المحاسبي ” وكتبه، فآثر التوقف عن ارسال عبارات من هذا الكتاب، – مع اني لا ارسل الا عبارات خالية من الشوائب- حتى لا ازعج احد برسائلي.
فلما ذهبت الى ترجمته عند الذهبي في كتابه الموسوم بـ”سير اعلام النبلاء” وجدت الذهبي يقول عنه ” الزَّاهِدُ، العَارِفُ، شَيْخُ الصُّوْفِيَّةِ، أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَارِثُ بنُ أَسَدٍ البَغْدَادِيُّ، المُحَاسِبِيُّ ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ الزُّهْدِيَّةِ “. ثم قال “قَالَ الخَطِيْبُ: لَهُ كُتُبٌ كَثِيْرَةٌ فِي الزُّهْدِ، وَأُصُوْلِ الدِّيَانَةِ، وَالرَّدِّ عَلَى المُعْتَزِلَةِ وَالرَّافِضَةِ.
ثم قال الذهبي”قُلْتُ: المُحَاسِبِيُّ كَبِيْرُ القَدْرِ، وَقَدْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ يَسِيْرٍ مِنَ الكَلاَمِ، فَنُقِمَ عَلَيْهِ .
وَوَرَدَ: أَنَّ الإِمَامَ أَحْمَدَ أَثْنَى عَلَى حَالِ الحَارِثِ مِنْ وَجْهٍ، وَحَذَّرَ مِنْهُ.
قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: شَهِدْتُ أَبَا زُرْعَةَ الرَّازِيَّ، وَسُئِلَ عَنِ المُحَاسِبِيِّ وَكُتُبِهِ، فَقَالَ:
إِيَّاكَ وَهَذِهِ الكُتُبَ، هَذِهِ كُتُبُ بِدَعٍ وضَلاَلاَتٍ، عَلَيْكَ بِالأَثَرِ تَجِدْ غُنيَةً، هَلْ بَلَغَكُم أَنَّ مَالِكاً وَالثَّوْرِيَّ وَالأَوْزَاعِيَّ صَنَّفُوا فِي الخَطَرَاتِ وَالوَسَاوِسِ؟ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إِلَى البِدَعِ !”
ثم قال الذهبي” وَقِيْلَ: هَجَرَهُ أَحْمَدُ، فَاخْتَفَى مُدَّةً ” – اي ان المحاسبي بعد ان هجره احمد ابن حنبل لم يعد له صيت بين الناس حتى مات.
حذر منه العلماء ولكنهم لم يشتموه ولم يسبوه ولم ينشغلوا به، كان همهم نشر العلم الشرعي وقمع البدع بالعلم الشرعي المأصل بعيدا عن الهمز واللمز والشتم والسب ونشر الفضائح التي سترها الله.
اختفى اسم “المحاسبي” بين الناس بعد هذه الطريقة في الرد على المخالف، ولم يعد يجلس له ولا يسمع له حتى مات سنة 243هـ، بل انه قيل لم يصلي عليه الا اربعة.
قلت: الرد على المبتدع بالعلم الشرعي يقمع البدعة، وأما الرد على المبتدع بالعاطفة يأجج البدعة وينشرها.
نعود الى الكتاب وهو “آداب النفوس” بعد قرائتي للكتاب استطيع ان قول هو عبارة عن كلام في الزهد بطريقة اهل الكلام من الفلسفة والوسوسة والخوطر.
والسلام

قبل شهر ونصف من يوم السبت الموافق6-7-1436هـ