( وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا )
بعد أن ذكر الله عز وجل أنه جعل الارض ممهده للناس وموطأة ومهيأة لهم فهي كالمهد المريح للطفل ناسب أن يقول ( وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) اي ان هذا المهد مستقر وثابت بهذه الجبال التي هي كالاوتاد فالمهد والفراش والبساط كلها خفيفة قد تتحرك من الريح والعواصف وقد تتحرك بأفعال الناس من حفرهم للقنوات والابار وزرعهم وحصادهم وبناءهم وحروبهم .
وقيل غير ذلك وهو لكي لا يظن الناس ان الارض غير ممهدة فهذه الجبال ناتئة من الارض وهي غير ممهده ، فذكر لهم ان هذه الجبال هي وتد لتثبيت الارض الممهده . والله اعلم بمراده .
( وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا )
أي جعل لها أوتادا أرساها بها وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها.
قال تعالى ( وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
عن قتادة (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) يقول: والجبال للأرض أوتادا أن تميد بكم .
لاحظت ان الله عزوجل ذكر رسو الجبال في عشر مواضع من القران مثل ( وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ ) وقوله ( والجبال ارساها )
ولم يذكر أن الجبال اوتاد الا مرة .
وهذا يجعلني اتسائل لماذا ذكر الجبال هاهنا بالوتد ؟
قد يقول قائل للسجع وتناسق الايات .
وقد يقول اخر أن سياق خطاب السورة فيه شدة وغلظة وتهديد فناسب أن يذكر الوتد ليبين عظمته وقوته .
وقد يقال اشار الله عز وجل في هذه الايات الى دورة حياة الانسان ( الم نجعل الارض مهادا ) تشير الى مرحلة الطفوله ( والجبال اوتادا ) تشير الى مرحلة الشباب ( وخلقناكم ازواجا ) تشير الى مرحلة الرشد والزواج (وجعلنا نومكم سباتا ) تشير الى مرحلة الموت . فناسب ان يذكر هاهنا ( الوتد ) .والله اعلم بمراده
اسئل الله عز وجل ان يفتح علي وعليكم فهم اياته ويعيننا على تدبره
كتبه ماجد العريفي