لو دعاك احد اصدقائك الى احتفالٍ أقامهُ لمولد ابيه رحمه الله، فقلت له متى ولد ابوك؟ فقال لست متأكد من يوم ولادته فقد قالت خالتي انه ولد في الثاني من شهر صفر، وعمتي تقول انه ولد في اخر شول، وأذكر عجوزا في القرية قالت لي انه ولد في أول ايام التشريق، ولكني متأكد من يوم وفاته في الثاني من شهر صفر وسأحتفل فيه – أظن أنك ستجد في نفسك ريبة منه وشكا في حبه لأبيه – وأظن أنك ستقول حتى وإن كان تاريخ يوم ولادته هو نفسه تاريخ يوم وفاته، كيف سيفرح لولادته ويحزن لوفاته في نفس الوقت، من الطبيعي ان يدخل قلبك ريبة من هذا الانسان، وقد تقول في نفسك هداه الله ألم يجد يوما يحتفل فيه الا يوم وفات ابيه الايستحي من الناس إن لم يستحي من نفسه .
وهب أنك أحسنت الظن بهذا الرجل وقلت له اين سيقام الحفل فقال في بيت لأبي كان يكرهه ومنعني من دخوله بل وأوصاني بهدمه ولكني استحسنت أن لا أنفذ وصية أبي فقد رأيت أن أرمم البيت وأبني في سطحه غرفتين، وسأدخله كل سنة في هذا اليوم – يوم وفاة ابيه أقصد يوم ولادت ابيه – ألا تظنون معي أن هذا كره وليس بحب، ألا تظنون أنه احتفال وفرح بموت ابيه وليس بولادته .
ياسادة ياكرام إن أعداء الاسلام من مجوس ومشركين وكفار فرحو بوفاة الرسول ﷺ فأقاموا الإحتفالات فرحا وسرورا وتشفيا لقلوبهم الممتلئة حقدا على حبيبنا رسول الله ﷺ فهو الذي اخرج حثالة من العرب أمية لاتقرأ ولا تكتب من سيطرتهم الى عز الدنيا والأخرة – من عبادة العباد الى عبادة رب العباد – فلم قوي الاسلام وظهر في معظم انحاء العالم لم يستطيعوا أن يظهروا الفرح والسرور بوفاة الرسول ﷺ فبتدعوا بدعة المولد ليحتفلوا بوفاته، والدليل على أنهم يحتفلون بوفاته ﷺ هو ضربهم للطبول وعزفهم ورقصهم في يوم وفاته – والطبول والمعازف والرقص لاتكون الا في سعادة – وأضافوا على ذلك بدع وشركيات نهاهم عنها حبيبنا ﷺ، – و لسان حالهم يقول سنفعل ونكثر مما نهيتنا عنه حقدا وكرها لك – وسنزيد الأمة ظلمة فوق ظلمه بهذه البدع حتى نطفئ نور هديك وهدي الخلفاء من بعدك – (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون )) .
ياسادة ياكرام صح عن النبي ﷺ أنه قال عن نفسه ولدت يوم الاثنين ، فهو ولد يوم الإثنين بلا شك .
ولأن العرب لايعرفون القرأة ولا الكتابة الا ماندر منهم فقد ارخو السنين بالأحداث الكبيرة ، ولا شيء اكبر عند العرب في أيامهم تلك من مجيء ابرهه بفيله الكبير ليهدم بيت الله المعظم، فأي حدث في تلك السنة سيحفظ عن ظهر قلب إما زواج وإما طلاق وإما ولادة فكيف إذا ولد تلك السنة اطهر البشر، وأما تاريخ الشهر واليوم الذي ولد فيه حبيبنا ﷺ فقد اختلفوا فيه فقال بعضهم في الثاني من شهر ربيع أول ، وقيل في الثامن من ربيع الأول حكاه الحميدي عن ابن حزم، ورواه مالك وعقيل ويونس ابن يزيد وغيرهم عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم.-وصحح هذا السند الألباني – ونقل ابن عبد البر عن أصحاب التاريخ أنهم صححوه وقطع به الحافظ الكبير محمد ابن موسى الخوارزمي، ورجحه الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه ” التنوير في مولد البشر النذير “.
وقال آخرون في العاشر من شهر ربيع أول، وقيل في الثاني عشر من شهر ربيع أول وهذا هو المشهور عند الجمهور، وقيل في يوم السابع عشر من شهر ربيع أول، وقيل في الثاني والعشرون من شهر ربيع أول، وقيل ولد في الثاني عشر من شهر رمضان.
ومنشئ الخلاف أن العرب لم تكن تحفل بالأيام ولاتهتم بها فلافرق بين يوم ويوم كلاهما سيان المهم عندهم كيف يحمون حلالهم ويوفرون طعامهم، أما الشهور فقد كانوا يؤخرونها ويقدمونهاعلى حسب أهوائهم ومصالحهم، قال ابن بطال في شرح البخاري ” أن العرب كانت تحرم الشهور الأربعة، وكان هذا مما تمسكت به من ملة إبراهيم، فربما احتاجوا إلى تحليل المحرم للحرب تكون بينهم؛ فيكرهون أن يستحلوه ويكرهون تأخير حربهم ، فيؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، فيحرمونه ويستحلون المحرم، ثم يحتاجون أيضا إلى تأخير صفر إلى الشهر الذى بعده كحاجتهم إلى تأخير المحرم، فيؤخرون تحريمه إلى ربيع، ثم يمكثون بذلك ما شاء الله، ثم يحتاجون إلى مثله، ثم كذلك، فكذلك يتدافع شهرا بعد شهر ” ، قال الخطابي في “معالم السنن” “واستمر ذلك بهم حتى اختلط ذلك عليهم وخرج حسابه من أيديهم فكانوا ربما يحجون في بعض السنين في شهر ويحجون من قابل في شهرغيره إلى أن كان العام الذي حج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصادف حجهم شهر الحج المشروع وهو ذو الحجة فوقف بعرفة اليوم التاسع منه ثم خطبهم “- يقصد بالخطبه- قوله ﷺ ” الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر، الذي بين جمادى وشعبان “اخرجه البخاري – .
وبعد ان عرفت أيها القارئ الكريم أن العرب لعبوا بالأشهر حتى اصبحت حيص بيص ، هب أن أقوى الأقوال أنه ولد في شهر ربيع أول هل هذا الشهر هو شهر ربيع الأول أم أن العرب نسئته فكان الأصل أنه شهر رجب او صفر او رمضان ، ألا يستطيع أحدهم أن يقول أن النبي ﷺ ولد في شهر رمضان ولكن العرب نسئت الأشهر فأصبح شهر رمضان عند العرب ربيع أول .
وفي المقابل ثبت وفاة النبي ﷺ في الثاني عشر من ربيع اول وربيع أول هو ربيع أول كما خلقه الله ، لأن الزمان استدار كهيئه يوم خلق الله السموات والأرض في حجة الوداع فضبط المسلمون الأشهر من وقته وهتموا بها .
ياسادة ياكرام ، لو أن في الاحتفال بالمولد خير ، لأخبرنا حبيبنا متى ولد لأنه يريد لنا الخير ويريد أن يرانا معه في الجنة .
الحاصل ياكرام ، أن من يحتفل بمولد النبي ﷺ هو يحتفل بوفاته وهو لايعلم ، قد سخر به اعداء الاسلام وتلاعبوا بعقله ودينه ، فانتبهوا يامسلمين من هذه الدسائس والأحقاد والسموم التي يبثها اعداء الاسلام ، وأوقفوا هذه الاحتفالات البدعية واعتزلوها وحذروا منها ، إن كنتم تحبون النبي عليه الصلاة والسلام .
الاحتفال بالمولد
18 السبت جانفي 2014
Posted Uncategorized
in